عندما يُسأل أحدنا: من أنت؟ فإن الإجابة تكون بديهية، الاسم، السن، الديانة، المسمى الوظيفي أو الفني، هذه الإجابات تُمثل واقعًا قشريًا، هي جامعة مانعة حين يتعلق الأمر بالتعرف على شخص جديد أو تقديم الذات في نقاش رسمي، لكنها لا تتعرض للكينونة العميقة للإنسان، والتي تقول بمن هو الإنسان حقًا. 

دكتور محمد طه يسأل من نحن؟ 

لم يكن الدكتور طه وحده من طرح هذا التساؤل، لكن آخرون، يقول طه: أنك لست اسمك، ولست وظيفتك، ولست عمرك، وأنك أيضًا لست شكلك، أو أسلوب حياتك، في الحقيقة أنه ليس بمقدورنا أن نشير إلى شيء ما فينا ونقول بأنه نحن، لأن الوجود الإنساني ذو جوهر عميق، وأذلي، امتداده روحاني، مجهول، يعبر عن الله، وبالتالي فإنه ليس بإمكاننا أن نعرف أنفسنا تعريفًأ يلامس أصولنا، أو يثقب ذواتنا الحقيقية، لكن ما الذي بمقدورنا فعله؟ 

نقرر نحن من نحن

فحيث صار تعريفنا لأنفسنا تعريفًا مانعًا أصيلًا قد أضحى مستحيلًا، صار بوسعنا أيضًا أن نضع نحن تعريفًا لأنفسنا، ونجعل منه أسلوبًا لحياتنا، ومصدرًا لأفعالنا، ومنهاجًا نسير عليه، فلقد رأيت شخص يسمي نفسه (سفير السعادة) لأنه يتخذ من الابتسامة أسلوب حياة، ويداوم على إسعاد الناس، وآخر يسمي نفسه (سفير الشغل) وهذا الأخير مشهور، وهو يكرث جهوده في توفير فرص عمل للناس. 

وحين وضعت لنفسي تعريفًا قلت (ساعي)، لأني أريد أن أتفانى في السعي وأستمر فيه وإن لم أبلغ شيئًا، فما هو التعريف الذي تحب أن تعرف نفسك به؟ ولماذا؟