هئا كلامٌ نفيسٌ لابن القيم رحمه الله، أحببت أن أنقله على تمامه كاملاً وذلك لبيان أهمية هذه المسألة.
فقال رحمه الله:
التعليم بالقلم هو من أعظم نِعم الله على عباده، إذ به تُخلّد العلوم، وتُثبت الحقوق، وتُعلم الوصايا، وتُحفظ الشهادات، ويُضبط حساب المعاملات الواقعة بين الناس، وبه تُقيّد أخبار الماضين للباقين اللاحقين، ولولا الكتابة لانقطعت أخبار بعض الأزمنة عن بعض، ودرست السُّنن وتخبّطت الأحكام، ولم يعرف الخلف مذاهب السلف.
وكان معظم الخلل الداخل على الناس في دينهم إنّما يعتريهم من النسيان الذي يمحو صور العلم من قلوبهم، فجُعل لهم الكتاب وعاءً حافظاً، كالأوعية التي تحفظ الأمتعة من الذهاب والبطلان، فنعمة الله عزّ وجلّ بتعليم القلم بعد القرآن من أجلِّ النِّعم.
وقال أيضاً:
فكم لله من آيةٍ نحن عنها غافلون في التعلم بالقلم، فقِف وقفةً في حال الكتابة وتأمّل حالك وقد أمسكت القلم وهو جماد، ووضعته على القرطاس وهو جماد، فتولّد من بينهما أنواع الحِكَم وأصناف العلوم وفنون المراسلات والخطب والنظم والنثر وجوابات المسائل.
المصدر
كتاب/ مفتاح دار السعادة/ 279
طبعة دار الكتب العلمية