كثيرا ما كنا نسمع من مدرسينا(هناك إستثنائات طبعا) عن واقعنا الحالي وكيف أننا ضعفاء وفاشلون بالنسبة الى الاجيال السابقة, فإقتصاديا ترى الفقر المتفشي بين الناس, ترى البطالة, ترى الناس التي تستجدي, ترى السراق والمرتشين, ترى وترى وترى, اما بالنسبة للواقع العسكري فحدث بلا حرج, فها هي فلسطيم محتلة والاقصى مسلوب والعراق جريح وسوريا تشتعل وليبيا تغلي واليمن تغرق و و و , أما اخلاقيا :) فلن اتحث بالموضوع اصلا!.

طبعا لن انكر شيئا مما قاله اساتذتنا, فكل هذا صحيح ولا شك, ولكني سانتقد الأسلوب الذي يتعاطى به الأساتذة مع جيلنا, ولا يخفى عليكم مالهذا الأسلوب الهدام للأستاذ من مضارٍ على أبناء الجيل, فتراه اشعرهم بالعجز, وثبط من معنوياتهم, وقلل من قيمتهم , أزال الأمل عن قلوبهم, وزرع اليأس حتى في أحلامهم. متناسيا أو جاهلا أن هذا الجيل هو القادر حاليا على التغيير, كان على هذا الاستاذ أن يغير أسلوبه, وأن يدعم هذا الجيل ويقف معه لا أن يقف ضده وأن يشعرهم بأنهم هم التغيير المنتظر, وبأن صلاح الدين الثاني خارج منهم لامحالة, وأنهم لا يقْرُقُون عن غيرهم من الأمم قيد أنملة إلا في الواقع المادي والسياسي والذي لم يكونوا مسؤولين عنهما, لم يفعل الأستاذ أيا من هذا, بل كل ما فعله هو التثبيط ثم التثبيط ثم التثبيط. بل ووصل الأمر ببعضهم للقول بأننا نحتاج الى معجزة حتى يتغير حالنا! مما أدى أو سيؤدي الى الىإنشاء جيل جديد معنوياته في الحضيض, يعتقد بأنه دون الناس, وأن كل الأمم تفكر وتنتج وتعمل إلا هو! طبعا هذا ليس كل شيء! فكلام الأستاذ السلبي هذا لم يؤدِّ فقط الى إنشاء جيل فيهم هذا الشعور بالدونية, بل أدى الى نشوءقسم ثانٍ, بدؤوا بإنكار ما يحدث حولهم من أحداث وتجاهلها بل وعدم الإعتراف بأن هذه المشكلة مشكلتهم, وبؤوا ينادون أن عليكم بأنفسكم فقط ولا علاقة لنا بغيرنا. وليحترق الجميع! بدل أ، يعمل هؤلاء على تغيير واقعهم الحاي صرنا نراهم ينادون بالعمل على انفسهم فقط. والاكتفء بالدعاء للآخرين. صار هؤلاء يعتبرون واقعنا اليوم من الحسن بمكان لدرجة لا تستدعي كل هذا الكلام. وأنه واقع جيد وأن ما يحدث هنا وهناك من بلبلة وأحداث ما هي إلا إستثناءات أو مشاكل ليسوا هم السبب فيها وبالتالي فلا علاقة لهم بها وهم في غنى عنها.

كل هذا (في نظري) لا لشيء إلا لأجل إنكار أننا حاليا دون المستوى مقارنة مع باقيي الأمم وليتني استطعت إنكار الأحداث كما استطاع هؤلاء! لكني حتى وإن حاولت التجاهل فتكفيني مشاهدة أخبار الساعة لاستعيد صوابي وأغير رأيي. قتل هنا وموت هناك, إهانة لنا هنا وتهجم علينا هناك, وما بين الهُنا والهُناك وقف "المنكرون" ضد أمثالي متهجمين علينا بأننا نستصغرهم ونقلل من شأنهم وبأنهم منحطون عليهم إخفاء رؤوسهم في التراب كالنعام!

فإلى هؤلاء أقول: يا أصدقائي :) فرقٌ بين من يذكر الحقيقة اليوم ولا ينكرها وبين من يجعل هذه الحقيقة اليوم سببا للتهجم عليكم والتثبيط من معنوياتكم وتقليل هممكم, جاعلينا مع القسم الأول من هذا الجيل والذي يرى نفسه فاشلا دون الأمم, وأنّا اخذنا وتقبلنا ذلك المفهوم السلبي من أولئك المثبطين (كالمدرس وغيره), فرق كبير!.

إن ما ادعو اليه هو على النقيض مما يدعوا اليه كلا الطرفين السابِقَين, فلا أدعوا الى انكار واقع الأُمة اليوم وضعفها وهوانها بين الناس وكذلك وفي نفس الوقت لا أجعل من هذا الواقع سببا لتراجع الهمم وتثبيط المعنويات وأنه لكي أتخلص من هذا الإحساس بالذنب علي أن أنكر الواقع الحالي, بل اعتبر هذا الواقع سببا وحافزا يدفعني الى التعلم, يدفعني الى العمل , يدفعني الى التغيير.

وفي النهاية إن المسؤولية التي تقع على جيلنا هي كمسؤولية باقي الأجيال فكما الأجيال السابقة لم تفعل شيئا من أجل التغيير (مع بعض الإستثنائات), كذلك نحن ابناء الجيل الحالي مخيرون بين ان ننكر واقعنا أو ان ننتقص من أنفسنا وبهذا نفشل كما فشلت باقي الأجيال ولا فرق, أو أن نتحمل المسؤولية ونعترف بمشاكلنا ونعمل من أجل التغيير حتى وإن لم نوَفَّق عندها سنكون جيلا ناجحا (مع بعض الاستثنائات) ولك أن تدرك الفرق!