في العادة، يكون الكُتّاب شديدي الاعتزاز بشخصيتهم الكتابية وبصوت أقلامهم، وهذا أمر جميل، حتى إن كثيرًا من الجمهور يعرفون اسم الكاتب من مجرد قراءة جملة أو مقولة له، ولسان حالهم يقول: هذا هو أسلوبه وشخصيته في الكتابة! لكن مع تغير الألوان الكتابية، مثل: كتابة الإعلانات والكتابات التسويقية، هل قد يضطر الكاتب إلى الانسلاخ عن صوت قلمه لإبراز صوت العلامة التجارية؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف يتجرد من شخصيته ويمنح الأولوية لشخصية العلامة وصوتها ونبرتها؟

أرى أن نجاح الكاتب في تصدير صوت العلامة وشخصيتها في مثل تلك الكتابات هو معيار أساسي في تحديد نجاحه من عدمه فيها، وقدرته على التلون هو ميزة تنافسية لا يحسنها الكثيرون، يعني لنفترض أني كاتب في الأساس أعتمد على العمق والغموض ويعتمد قلمي لإبراز ذلك على الاستعارات والكنايات والحبكة المعقدة، ثم طُلِب مني نص إعلاني لعلامة تجارية متخصصة في مجال المال الأعمال صوتها وشخصيتها تتميز بالطابع العملي والجدية، فقدمتُ نصًا مفعمًا بأعمق التراكيب اللغوية والاستعارات المكنية والتعبيرات الأدبية كما اعتاد قلمي، فجعل العملاء يشعرون بالحيرة؛ وكأن الإعلان لدار نشر أدبي!