منذ فترة و أنا أكتب وترفض مقالاتي ولا تنشر، لا أستطيع التركيز على فكرة معينة، فيخرج المقال مفككا غير مترابط، أكتب أحيانا و أمسح الكتابة أو أكتفي لنفسي لا أعرف كيف أجمع أفكاري مرة أخرى، أو تأتي فكرة في رأسي لأكتب عنهام لا أستطيع الكتابة فيه وأنساه.

بالرغم من إن هناك فترات يكتب قلمي باستفاضة، لا أعرف كيف استعيد فيضه من جديد.

أضف إلى ذلك فترة انتظار الرد على المقال، فترات تملأ صدرك بالشوق مثل البالون ومع طول مدة الانتظار يتلاشى حجم الفرحة ويتقلص، يقال أن النشر في مدونة خاصة بك أفضل ، وأقل تعقيد، ولكن أنا من الكتاب الذين لا يحبون قراءة ما يكتبون عقب الانتهاء منه، و أحب قراءته من قبل شخص آخر قبل نشره، فباعتقادي لابد من رأي آخر قبل النشر، فلو فرضنا أنني صنعت لنفسي مدونتي الخاصة فمن أين لي بمتطوع متمكن يقرأ لي قبل النشر؟ ! ويستوعب انفعالاتي وترهاتي وأفكاري!

أحيانا أكتب وأكتب فلا تتجاوز كلماتي أسطرا تعد على الأصابع، أكون قد اعتصرت لبابة وحشاشة الفؤاد والعقل والهوى، وهنا يغلبني قلق عدد الأسطر والكلمات فلا أحب كتابة فقرات أحب الخروج بنص متكامل يثلج الصدر، ويصارعني الرغبة في كتابة المقال أو القصة سريعا والرغبة بنشرها، فلا أبالغ إن قلت لهفة انتظار ولادة النص كلهفة انتظار بزوغ فجر حدث سعيد ترغب بمشاهدته حيا أمام عينك، ولكن القلم توقف ولم يعد له رغبة في الكتابة فماذا أفعل.

قديما كنت أستحضر روح قلمي بسماع أغنية أو موسيقى أو مشهد تمثيلي الآن مللت من كل ذلك فلم تعد تحث قلمي، وأصبح قلمي يميل للرصانة والجدية أكثر، ماذا أفعل لك ياقلمي ولا أدري مالطقوس التي علي استحضارها لك حتى تتدفق كلماتك؟!

في بعض المرات يخرج النص ميالا لأن يكون خاطرة أكثر منه مقالا، ولا أحب نشر الخواطر، فمن وجهة نظري أراها خاصة ولا يجوز نشرها ورفاهية لا أتمتع بها.

الخوف من نشر كل جديد يتملكني، فأكره لذلك كتابتي على لوحة مفاتيح الحاسوب، تستغرق وقتا يأخذ من مسؤولياتي وأعباء يومي الشيء الكثير وأنا يومي ضيق، ربما علي النظر للموضوع بأنه جزء من يومي فأنا بلا كتابة روحي مبعثرة وتظل تئن بالمخاض حتى يولد نص جديد، كيف سيكون وقعه على القارئ وماهي الأفكار التي أبعث بها، وماهي رسالته والهدف منه.

تشتت القلم ربما لسكون الحياة وركود أحداثها، وعدم متابعة أخبار العالم ومعرفة جديده والانحصار بتجارب اليوم العادية التي نادرا مايجد عليها جديد، ليكون القلم فاعلا لابد من معايشة أخبار العالم والاطلاع على نواحي الفكرة التي تريد الكتابة عنها، فدائما هناك جديد وهناك شيء تريد الكتابة عنه ليكتمل عليك أخذ التدابير.

اردت الكتابة دائما عن المرأة ومشاكلها والقوانين التي لا تأتي لها بالحقوق، وأنا أكتب دائما الفكرة التي تخطر في بالي، وعلي البحث عن الجديد، والاطلاع على موضوع جديد ابحث عن محاوره بجدية دونما تشتت وليأخذ وقته في التكون والكتابة، ربما حالة التبعثر هذه لأنني انتظر مجموعتي القصصية الأولى، انتظرتها سنيين طويلة والأفكار تأخذني يمنة وشمالا، سأحدثكم عنها فور صدورها وسأكتب لكم عن تجربتي وماراودني من أفكار، سأتركها لحينها.

الكتابة تأخذ وقتا وجهدا، ونحن في مجتمعاتنا نادرا مانعطي الكتاب حقهم وريع جهدهم، ومن يستمر يستمر لمتعته الخاصة، ومجهوده هو دون انتظاره العائد الكبير، علينا دعم الكاتب الذي تعجبنا كلماته حتى يستمر، ويستمر نتاجه وقوة وجوده، ولكل كاتب تتبعثر كلماته ويمر في حالة ركود فكري ، عليك تجديد معلوماتك وتجربتك فالكتابة كالدراسة لا يختلفان بشيء.