كلّنا ككتاب محتوى خلال نشرنا على الفضاء الافتراضي قد نجد بعض القًراء متحمسين لرؤية أعمالنا الأدبية بين رفوف المكتبات، وأحيانا قد يعتقدوا حقا بأننا قد أنجزنا مؤلفات ورقية، ودائما يأتي جوابنا على هيئة " الوقت لم يحن بعد لنشر"، لكن السبب الرئيسي؟ لا نعلمه نحن أيضا، كتابات غارقة في ظلمات، وأخرى تقتات على الغبار قبل أن ترى النور والكثير والكثير...

لكن مع كل ذلك، قد نجد كُتاب في أعمار متقدمة ينشرون، الأمر ليس له علاقة بطبيعة المحتوى، ولا حتى الكتابة لها عمر محدد، لذا لما هذا الاستعجال في النشر؟ قد اطلعت على مقابلة للكاتب الكويتي طالب الرفاعي عندما سأله الصحفي عن أكثر شيء يضر الكاتب، فأجاب: " عندما كنت صغيرًا فى بداية كتاباتي كنت أستعجل النشر، لكن الآن لم أعد أستعجل النشر، ولا يوجد شيء مضر للكاتب بقدر هذا الاستعجال".

لا أعلم نوع الأضرار التي يقصدها الرفاعي بالضبط، لكن شخصيتي تحب التأني لأن فيه السلامة وفي العجلة ندامة كما يقال، وأصلًا من الصفات التي لابد أن يتميز بها الكاتب هو الصبر والتحمل، لذا قد راق لي كثيرا جوابه خصوصًا أنني أحيانا ألوم نفسي عن هذا التأخر، كل عام أضع ضمن الأمور التي لابد أن تحدث " هو أن أنشر كتابي، بالرغم من ما بقي إلا تنسيقه وضبطه"، لكن دائمًا أجد نفسي معلقة في زاوية تحتاج للوضوح ، والأخرى لابد أن تنقح أكثر وغيرها..، وأنا التي تعلم جيدا بأن الكاتب لو بقي يصحح ويقرأ في كل مرة لن ينشر شيئا في حياته...،  المفكر والروائي الكيني "نغوغي واثيونغو"  قد وصل لعمر الثمانين باح بأنه لم يصل الى رضى الكامل عن الرواية التي كتبها، وبعد هذا العمر لا يزال يطمح لمحاولة كتابتها بالشكل الذي يرغب فيه بالضبط.

لذلك الاستعجال في النشر هو مضر للكاتب، خصوصا إذا قيد نفسه بتاريخ محدد لابد أن ينشر فيه، فنجده يسارع الوقت من أجل أن ينشر في الوقت المحدد، الاستعجال قد يجعله لا ينتبه للإخطاء الإملائية، و لا ملاحظة التشتت الذي يصيب فقراته، فيصبح كألة يكتب من أجل أن ينشر وفقط، ولا ينظر أن رسالته أسمى من ذلك، هي الفكرة، مهما طالت مدة نشرها إذا كانت أصلية ومتميزة فأكيد لو قرأناها بعد سنين سنشعر بأنها تستحق أن تبقى خالدة لا تموت.

 وأنت هل تؤيد ما قاله الكاتب الرفاعي؟ وما الأشياء الأخرى التي تضر الكاتب؟