تعد الكتابة عملية تواصلية تلتقي فيها نظرة الكاتب للحياة وقدرته على رسم الأفكار بالكلمات وبين قوة تركيز القارئ في طريقة تحليله وفهمه لمضمون النص. إذ تمثل الكتابة متنفس ومأوى الذي يلجئ إليه في أفراحه وأقراحه، إذ يرى بأن البوح للغير أو البكاء على الأطلال أمراً غير كافيا...، ليجلس في مواجهة مع النفس محضرا أحرفه وكلماته التي تمثل حضنا بالنسبة إليه، وهو ينسج القصص ويتخيل شخصياتها تمتلكه حيرة بين توقف أحيانا وبين الاستمرار في الكتابة أحيانا أخرى حتى ولو كانت بلا وجهة واضحة، وبإعتبار أن الكاتب مرأة مجتمعه ووسط هذه الشروط التي تقيده يشعره أنه مراقب من كل الزوايا لذا تمتلكه بعض المخاوف، فيخاف أحياناً من السلطة، وأحياناً أخرى من الشارع ، ومؤخراً من “السوشال ميديا” كجهة لها هيبة وسلطان.
لذلك قد نتساءل، ما أكثر شيء نخاف منه ككُتاب مما ننشره؟، بالرغم من الأشياء الذي قد يختلف عليها البعض منا، إلا دعونا نجمع بعض من الأمور قد نكون نشترك فيها:
- أول شيء، شبح أن يفهم القارئ أحرفنا بغير الطريقة التي أرادنا إيصاله إليه، الكاتب لا يريد أن يفكر القارئ خارج صندوقه المملوء بنواياه وأفكاره وعبارته، هذا الخوف يمثل هوسا بالنسبة للكاتب فتجده يكرر صياغة أحرفه أكثر من مرة سعيا لأن تصل رسالته بالشكل الذي أراده خوفه أن ألا تحقق كلماته المراد الذي يسعى إليه، أتعلمون متى يحدث ذلك؟ خصوصا عندما يكتب عمدا بطريقة غير مباشرة، مثلا يتكلم عن قيمة الكلمة في مقابل يشرح لنا واقعها المرير الذي تعيش فيه، وكيف تم كبتها ونبذها، المراد أن نقرأ ما تحت السطور، أما عن الأسئلة التي يطرحها أغلبيتها لا تستحق أن تجد أجوبة لها بقدر ما يستدعي الفهم والبحث عن استفسار مقنع بواقع المرير الذي يحدث ووعي بخطورة ما قد نصل إليه.
- ثاني شئ، يمثل خوفا بالنسبة للكاتب الذي يخشى أن يأخذ القارئ نظرة مسبقة عنه حتى قبل أن يتم قراءة كلماته ونصوصه، لأن يعلم بأن الكلمات هي الرابطة الوحيدة التي تجمعه به وتمثل حصنا متينا وسندا منيعا يختبئ تحته. لذلك يسعى جاهدا أن لا يحصل ما لا يريده نتيجة إدراكه بحقيقة أن القارئ إذا أخذ موقفا حول الكاتب وأجزم ألا يقرأ له مرة ثانية، لن يخطو خطوة أخرى اتجاه أعماله القادمة....، لذلك يسعى الكاتب جاهدا أن يرسم صورة مقبولة أمام قراءه، بحكم أن القارئ تسيطر عليه العاطفة ويتأثر بها في ميولاته فيختار على أساسها كاتب على حساب الأخر، فنجده يبحث عن خلفية الكاتب ومرجعتيه ليقرر بعدها إذا ما يواصل قراءاته له أم لا، وهذا أمر مهم لابد أن يعيه الكاتب، لأنه قد يمثل قدوة بالنسبة للكثيرين من جمهور القراء.
لكن قد نتساءل مرة أخرى، في ظل الأمور التي يخشاها الكاتب أن يقع القارئ فيها ..ما الشيء الذي يقع فيه هو بدون دراية في بعض المرات؟، من بينها قد نجده يأخذ حكما مسبقا في بعض المواضيع بدون التأكد من مصدر المعلومة، متشبث برأيه وأفكاره فلا يترك المجال مفتوحا حتى للقارئ أن يفكر أو أن يقرر بنفسه، فمثلا يخشى ألا يقع قًراءه في أخذ حكم مسبق عليه، قد نجده هو من وقع في هذه الحفرة....وفي لحظة يكون تركيزه مبعثر وذهن مشتت قد يولد للكاتب أفكار مختلطة، ما يقوم به لحظتها تفريغ ما يدور بداخله ..يكتب من أجل أن يكتب فقط، ليجد نفسه واقع في دوامة ليصل الى الخاتمة وينطلق من جديد وهكذا ...فكيف إذن للقارئ أن يفهم ما كُتبً، إذا الكاتب نفسه لم يعي بجدية ما تخطو قلماه، لذا قد يعي بعض القراء أن قراءتهم له بدون هدف أو وجهة....، فما خشي وقوعه حدث، ليجد نفسه منغمس في دوامة يبحث للخروج بأقل الأضرار خصوصا إذ انتبه قراءه لثغرات التي تملئ كتاباته التي لم تعد تمثل فائدة بالنسبة لهم أو الأحكام المسبقة التي وقع فيها....فكيف بإمكانه أن يعيد تلك الهيبة والثقة التي سقطت منه؟
وماذا عنكم، يا أصدقاءنا الكًتاب، ما أكثر شئ تخافون حدوثه؟ وهل هناك بعض من الأمور تخشون أن تحدث لجمهور القراء؟ شاركونا بعض من الأفكار؟
التعليقات