إنفيرنو أو الجحيم، هي رواية فلسفية تاريخية بنكهة بوليسية، تتناول نظرية توماس مالثوس في التكاثر السكاني، بطريقة شيقة ورائعة الخيال.

كما أن الرواية، تسرد أشعار دانتي أليغيري، الشاعر الإيطالي الذي عاش في الفترة الممتدة مابين القرن الثالث عشر والرابع عشر، وهو شاعر معروف بكتابه الرائع الكوميديا الإلهية. في رواية الجحيم، يأخذنا كاتبها المثير للجدل، دان براون، إلى عالم مليء بالخوف الوجودي المتناقض في ذاته، ففي كيان هذا الخوف، هناك خوفين متناقضين: خوف على الوجود البشري من الإنقراض، وخوف على الوجود الفردي من الموت.

فالرواية تتحدث عن النظرية المالثوسية -كما قلنا سابقا- في التكاثر السكاني، حيث يقول مالثوس؛ بأن السكان يتزايدون بوتيرة هندسية (1، 2، 4، 8، 16، 32، 64....)، في حين أن الثروات الطبيعية تتزايد بوتيرة حسابية (1، 2، 3، 4، 5، 6....)، واعتبر هذا العالم الإقتصادي البريطاني، بأن هذا الأمر سيؤدي إلى انقراض البشرية، إن استمر على هذا المنوال. واعتبر أن الطاعون خلال العصور الوسطى كان بمثابة تطهير طبيعي تلقائي، يُحافظ على التوازن بين عدد السكان والثروات الطبيعية، واعتقد بأن الحروب والأوبئة، هي نعم (جمع نعمة) تُحافظ على استمرار البشرية، وتُبعد عنهم شبح الإنقراض. ورأى في تقدم الطب وما أدى إليه من ارتفاع الولادات وانخفاض الوفيات، عبارة عن مساعد وفي لشبح الإنقراض البشري -حسب رأيه. في هذه الرواية، تم حبك هذه الآراء الفلسفية الإقتصادية بطريقة رائعة، ودمجت معها أشعار دانتي المأخوذة من كتاب الكوميديا الإلهية المقسمة إلى أجزاء ثلاثة، جزء الجحيم وجزء المطهر وجزء النعيم، وعنوان الرواية مأخوذ من اسم جزء الجحيم.

داخل هذه الرواية الرائعة، هناك صراع بين منظمتين، المنظمة الأممية للصحة العالمية، ومنظمة مابعد الإنسانية H+، وهي منظمة فلسفتها، الرقي بالإنسان، من أجل الوصول إلى درجة الإنسان الأعلى، الذي تحدث عنه الفيلسوف الألماني نيتشه. وأعضاء هذه المنظمة يتميزون بالذكاء والعبقرية -حسب الرواية- وزعيم هذه المنظمة هو من سيُحاول إنقاذ البشرية من شبح الإنقراض كما تحدث عنه مالثوس، فهذا الزعيم متأثر بأفكار مالثوس، لهذا سيُحاول معالجة مشكلة التكاثر المفرط للسكان. في مقابل هذه المنظمة الفلسفية، هناك المنظمة الأممية للصحة العالمية، والتي ستحاول حماية حياة الأفراد من شبح الموت، الذي يتهددهم بسبب خطط منظمة مابعد الإنسانية. فزعيم هذه المنظمة، سيقوم بصناعة شيء، هدفه النقص من التزايد المفرط للسكان، وهو عبارة عن فيروس، يصيب بالعقم.

أما بطل الرواية، فهي شخصية خيالية، من ابتكار دان براون، واسم الشخصية هو روبرت لانغدون، وهو عالم رموزوبروفسور في جامعة هارفورد. ويعتبر بطلا في أربع روايات لبراون، رواية الشياطين والملائكة، و رواية شفرة دافينشي المشهورة عالمية، و رواية الرمز المفقود، وروايته الأخيرة التي ناقشناها الآن، رواية الجحيم.

تم تحويل، رواية الشياطين والملائكة و رواية شفرة دافينشي، إلى أفلام بإنتاج شركة كولومبيا، وقد تم أيضا تحويل رواية الجحيم مؤخرا إلى فيلم. أما البطل في هذه الرواية، فقد تقمص شخصيتها في هذه الأفلام الثلاثة، الممثل الأمريكي المعروف توم هانكس، وهو ممثل معروف بتمثيله للفيلم الفلسفي المعنون ب المنبوذ. ___________________________________________

لا أعلم هل منظمة مابعد الإنسانية موجودة حقا أم هي مجردة فكرة خيالية للروائي. لكن هناك أراء تؤكد وجودها، وتعتمد هذه الآراء على بعض الأدلة، ومن نماذج هذه الأدلة هو صرح جورجيا الغامض.