بعد أن قلب صفحات الكتاب (من الجلدة إلى الجلدة) أعاده إلى مكانه بين عشرات الكتب على الطاولة وقال بلهجة ممزوجة بالسخرية "من حق السخفاء أيضاً أن يكتبو مايشاؤون" ، ثم تناول كتاباً آخر لعله يجد بين صفحاته مايثلج عقله..
كان الآخر رواية بعنوان (جريمة لاتغتفر) لم يجد فيها معالجة لأي شيء وكأن الكاتب كان يتخبط، يكفي مر مذاقها وبرودة الأفكار وسقم اللغة، ثم تناول كتاباً آخر (اتفاق القادة على الغنائم بينما الشعوب والعساكر تتهالك) وهذا أيضاً نص مهين..
كانت هذه الطاولة أمام رجل يبيع الكتب، تحت الجسر في لب العاصمة، وسط الضجيج والإزدحام، حيث أن آلاف السكان يمرون من هناك ليلاً و نهاراً، وذلك الرصيف لم يفرغ من الكتب منذ عقود مضت..
يقولون بأن بائع الكتب لا يراقب بضاعته، (فالقارئ لا يسرق والسارق لا يقرأ)، لكن هذا البائع كان مغتاظا من سلوك الشاب الذي يأتي كل يوم ويقف قرابة النصف ساعة يتفحص الكتب ثم لايشتري.
كان الشاب انتقائياً، اراد شراء كتاب يحمل خفايا عميقة تجبره على التفكير ووضع الفرضيات ليفوز بشرف الإجابة، يتملك حواسه ليكون سباحاً محترفاً يغوص بداخله ويكتشف عالم آخر خفي، فيذهل ويغرق ويختفي، ثم يرجع إلى الحياة ليتفكر في أمور رآها تفوق قدرة النظر والبصر، لكن معظم هذه الكتب مكتوبة من قبل أشخاص لايعيشون في مجتمعاتنا، بالتالي لانتشارك الأبعاد الخيالة والأمزجة النفسية والوجدان.. ويصعب بذلك التعمق والشعور بما تشعر به الشخصيات.
أعاد الشاب الكتب إلى الطاولة وأراد أن يمشي كعادته دون شراء أي كتاب، فلم يتمالك البائع نفسه وصاح بصوت ناقمٍ، هل هناك كتاب معين تبحث عنه، أم أنك ستأتي غداً وتقرأ بالمجان؟؟ خذ الكتاب الذي تصفحته وادفع النقود.
كان بائع الكتب يتعمد رفع صوته ليستجدي عطف المارين ويشكو غيظه من هذا النوع من الزبائن ومن ارتفاع الأسعار محررا دفترا مطويا من جيبه يحوي سجلات النفقات والديون.
على جانب الرصيف أخذت إمرأة يد زوجها من بين طوفان البشر، الذي اجتمع، لحضور النقاش الحاد...وهي تردد بصوت خافت الله يسامح، الله يسامح.
شعر ذلك الشاب بحرج شديد عندما رأى نفسه مرغماً على شراء أحد الكتب من هذا البائع اللئيم، بعد أن نظر الجميع في وجه بعضهم البعض، مستنكرين لفعله دون أن ينطقوا بكلمة .
فعاد ينظر إلى الطاولة بين أكوام وأرتال الكتب في محاولة أخيرة لإيجاد كتاب يتيم بين هذه الكتب يحمل في جعبته القيمة الفكرية..
وبين مئات الكتب استطاع كتاب (الف اختراع واختراع ) فرض نفسه.
فهو مزيج من القصص المضمنة بأحداث وانجازات حقيقية سجلها علماء المسلمين..
هل تواجهون صعوبة في انتقاء الكتب؟؟
هل شعرتم بأن كل من هب ودب يستطيع نشر كتاب؟
التعليقات