أحب الكتابة و أجد فيها راحة و سعادة كبيرة ،أكتب في كل مرة مقتبسات و نصوص صغيرة عن مختلف المواضيع إلا لأنني لا أستطيع الثبوت على فكرة واحدة. أريد كتابة رواية ولو صغيرة لأول مرة لكنني أجد صعوبة في ذلك و ليس لدي أفكار! هل من نصائح؟
.......
الفكرة الجيدة صديقتي تأتي عندما يكون لدينا الكثير من الأفكار، من خلال معالجة تلك الأفكار سنجد أننا نستلم فكرتنا الخاصة والمختلفة، يساعدك في ذلك أن تكثري من القراءة في المجالات ذات الصلة باهتماماتك، فالكاتب الجيد هو قارئ جيد في الأساس، ويؤكد كبار الكُتاب أنه من لا يجد وقتًا للقراءة فلن يكن لديه قدرة على الكتابة. إذًا، كثرة القراءة هي ما سيلهمك بالأفكار، وسيمنحك خبرة أكثر في الصياغة وترتيب الأفكار وصناعة الحبكة ونحو ذلك، وفي أثناء رحلة القراءة المستمرة، لا تتوقفي عن تمرين عضلاتك الكتابية بأن تمارسي الكتابة حتى لو تكتبي يومياتك، أو قصص صغيرة استلهمتي أفكارها.
أجمل ما في الحياة هي هذه اللحظات، حين ندرك فعلاً أننا بارعين في أمر ونبدأ نفكّر في تطوير هذا الأمر وتحويله لموضوع يكون فيه التكسبّ بالكتابة سعي يومي، سواء مادياً أو معنوياً، ونقل أنفسنا عبرها إلى المستوى التالي من خلال رواية أو مجموعة قصصية مثلاً، قد يكون الأمر شاق ومتعب، هذا أقوله في البداية، ولكن إليكِ هذه النصائح التي فرقت معي شخصياً، أوّلها أن تتبنّي بشكل كبير جداً جداً مسألة احتضان العصف الذهني اليومي، الـ brainstorming بما أنك تستمتعين بالتنقل وعدم الثبات بين المواضيع، استخدمي هذا الأمر لصالحك! كيف؟
اكتبِ أفكار عشوائية أو مقتطفات من الحوار أو شخصيات مثيرة للاهتمام أو إعدادات وأوصاف لأماكن رائعة، يمكنك استخدام بطاقات الملاحظات أو الخريطة الذهنية أو حتى التسجيلات الصوتية، اطلعي على هذه التكنيكات في غوغل أو يمكنك حتى لاختصار الوقت أن تقترضي وتتكيفي على مهلك، لا عيب في الاستعارات الإلهامية، جرّبي مبدئياً في القصص الكلاسيكية، قومي بتكييفها لتناسب اهتماماتك الخاصة.
أول شيء سوف أنصحك به هو ان تقرأ في الفلسفة وفي التاريخ، فلا يوجد رواية ناجحة ليس بها أبعاد فلسفية، ويجب ان تحدد أفكارك وقيمك الفلسفية، ويجب ان تتجرد من جميع الأفكار الموروثة وتنقدها، لأنك سوف تنقد أفكارك التي تؤمن بها والأفكار التي لا تؤمن بها في روايتك، ولتوضيح قصدي هل انت تؤمن بأنك مسير ام مخير، حتي داخل الفرق الإسلامية يوجد القدرية ويوجد الجبرية، وهل انت سوف تقيم دليلك علي ان الإنسان له حرية إرادة من داخل الدين ام من خارجه ام من داخل الدين وخارجه، وضربت لكل المثال بحرية الإرادة لانه سوف يؤثر علي رؤيتك لجميع الشخصيات او الأحداث في اي رواية.
بعد تمكنك من الفلسفة ومن قراءة التاريخ ومن قراءة الكثير من الروايات الفلسفية، وتكوينك وجهة نظر في الأمور الخلافية في الدين، وبعد إطلاعك علي الثقافات والأديان الأخري، وبعد تكوينك وجهة نظر في الأمور الخلافية في الحياه مثل ما هي حدود الحرية الشخصية، وهل الأفضل الأشتراكية ام السوق الحرة ولماذا، سوف تستطيع ان تمسك القلم وتكون كل كلمة لها معني وهدف.
الخلاصة يجب ان تكون مثقف، ويجب ان تتعامل كثيرا مع الناس، ويحب ان تجلس في المقاهي، ويجب ان تسافر كثيرا ويجب ان تتعرف علي أشخاص كثيرين، ويجب ان تستمع للناس، لكي تكون شخصيات روايتك حقيقة، ويجب ان تقرأ في جميع انواع الروايات من اول الرومانسية حتي التاريخية والخيال العلمي، ويجب ان تقرأ للملحد والمؤمن، يجب ان تقرأ مهما كان اختلافك مع الكاتب، ويجب ان تمتلك عقلية نقدية لكي تخرج في النهاية رأي خاص بك.
وبالطبع سوف أضرب لك مثال برواية سيد الخواتم لأني اظن ان الكثير اما قرأئها او شاهد سلسلة الأفلام، فالكاتب والروائي تولكين قد وضع فيها بعض أفكاره الفلسفية، مثل ان العالم يستحق الإنقاذ، او ان من الممكن ان فعل شخص صغير يغير أحداث الكون ويمنع الشر؛ هذه الأفكار هو مستوحيها من المسيحية الكاثوليكية وهو صرح بها ووضعها في كتابه بأسلوب شيق.
وانت تسائلت عن الأفكار فمثلا رواية الغريب للحائز علي جائزة نوبل البرت كامو، مع ان فكرتها بسيطة ومستهلكة ولكنها تدور حول فكرة فلسفية عميقة وهي العدمية، ولذلك قرائتك للفلسفة ستغير نظرتك لكل رواية قرأتها او سوف تقرأها وستغير نظرتك لطريقة كتابتك للروايات الورسالة التي ستريد انت إيصالها.
اسف على الإطلالة، كان من الممكن ان أطيل أكثر من ذلك، ولكن آثرت الاختصار بالفعل.
التعليقات