الفرق بين الوجودية، العبثية والعدمية

15

حسنًا هل لديك شيء جاهز نناقش فيه، أم سأضطر أن أبحث وأجد ما أناقشه؟

لأن الموضوع كله لا حجج فيه، هو طرح لوجهات نظر مختلفة، مع أني أستشعرت في بداية موضوعك أنك تهدف للنقاش يا إيفان، يمكنني الصمود قليلًا بإستنتاج بعض الحجج الضعيفة ونقدها، ولكن أحتاج لمعرفة حججهم أولًا لارد عليها.

وقبل أن ترد على تعليقي يمكنني وضع موضوع آخر، وهو أن المنطق أصلًا والنقاشات الفلسفية حاليًا مبنية على هراء، مبنية على لا منطق، حيث لا فرق بينها وبين الإيمان، ولكن بدلًا من الإيمان باله سيوفر عليك قاعدة لبناء منطقك، الأغلبية تؤمن بمسلمات المنطق المبنية على لا منطق، والتي من المستحيل إعتبارها أي شيئ سوى إيمان، وبالتأكيد فكرة الإيمان بمسلمات المنطق لأن خالقها هو من أخبرنا بصحتها تبدو بالنسبة لي أكثر صحة من الإيمان بمسلمات المنطق لذاتها دون معنى أو فكرة لذلك.

تعجبني كمية الNO عند العدمية، ببساطة تفقدك كل مصداقية يمكن توقعها، هل يوجد أساس أصلًا لكلام العدمية؟ هل هي فلسفة وصفية -تصف الواقع وتحاول تحديد أسباب للأشياء- أم ما ورائية -تحاول تفسير أصل الأشياء- أم ماذا؟ لأنه هنالك تحديات كبيرة أمامها مثل شعور معظم الناس بوجود هدف لحياتهم هذا إن كانت وصفية، وإن لم تكن فهي مضطرة أن تشرح لنا اصل هذا الشعور، ولماذا نجنح له، وكيف ترد على من يقولون أنه لديهم هدف في حياتهم، بالتأكيد رد العبثية -بما أنك تميل لها فليس لدي مانع في أن نتناقش حولها- حول عبثية الهدف -، أتمنى لو هنالك شرح أكثر للعبثية المقصودة هنا وقيمة الهدف القليلة لا أرى الحقيقة سوى أنها جزء من الوجودية ولكن أكثر تشاؤمًا، فتشبيههم لهدف الحياة بدحرجة حجر على منحدر يعني أنه هدف ولكن قيمته قليلة في نظرهم، فهل لهذا دليل أم هو مجرد إختلاف وجهات نظر؟ لو كان إختلاف وجهات نظر فلا يوجد نقاش، أما الحديث عن الوجودية الإلحادية والوجودية الإيمانية فهو حديث لا يتطلب النقاش حولهم بل النقاش حول حجج الإيمان والإلحاد، لأن الإثنان وجودية ولكن تبعتها الإيدلوجية فسمتها باسمها، لذا لا أعتقد أن هنالك لأي منهما حجج لا تعتمد على مسلمات الإلحاد والإيمان.

هي أكثر من وجهات نظر، هكذا أفهم الأمر :

لنسلم بأن الله غير موجود، وأن وجدنا محض صدفة وما نحن سوى ذرة في كون جامد لا حياة فيه، في هذه الحالة تكون هذه الأفكار أكثر من مجرد وجهات نظر، ليست حقائق مطلقة ولكنها نتائج تتبع حقائق أخرى وهي أفكار معتبرة جداً والتصديق بها عقلاني، هكذا أفهم كلا منها وكيف يكون صحيحاً:

العدمية : بما أنه لا وجود لكيان إلهي ووجودنا ليس سوى صدفة في كون جامد، فلا وجود لأي معنى ولا قيمة لأي شيء وسبب ذلك ببساطة هو عدم وجود سبب يبرر وجود معنى لأي شيء، إذا كان وجودك صدفة فليس من المنطقي أن تسعى وراء تحقيق أي شيء باعتباره معنى أو سببا لوجودك لأن هذا ببساطة غير صحيح استناداً إلى الحقائق التي سلمنا بها مسبقاً.

الوجودية : ربما لا يوجد معنى محدد سلفاً من وجودنا ولا قيمة جوهرية لأي شيء، ولكن الإنسان نفسه قادر على إيجاد معاني وقيم للأشياء، بالنسبة لي عبارة "الوجود يسبق الجوهر" ليست سوى إعادة تعريف للمعنى من غاية لدى صانع الشئ إلا خاصية يلحقها الإنسان بالأشياء وهكذا يكون صنعك لمعنى لحياتك منطقياً ومبررا.

العبثية : بصراحة لم استطع فهم هذه الفكرة جيداً بعد وتبدو لي كوجهة نظر عن الحياة الجيدة أكثر من نتيجة أو فكرة تبررها حجج أخرى، ببساطة يبدو أن العبثية تدفعك للإقرار والتأكيد دائماً على عدم وجود معنى للحياة وترفض الوجودية أو التدين باعتبارهما هروبا من الواقع وانتحارا فلسفية، ولكنها تختلف عن العدمية في نظرتها الإيجابية لانعدام المعنى وترى بأن فعل كل شيء يظهر بأن فيه معنى مع تذكر أن هذا غير صحيح هو السبيل لعيش حياة جيدة (على الأغلب كلامي عن العبثية يبدو كهراء واقر بأنني لم افهمها جيداً بعد)

اتمنى ان ما قلته صحيح أو منطقي على الأقل.

حسنا بتعريفاتك هذه فيمكننا القول انها وجهات نظر مبنية على نظريات اخرى، اي انه لا يمكننا النقاش حولها مباشرة، بل مثلا حول الالحاد والايمان، ووجود الجوهر من عدمه.

نعم هي أقرب إلى نتائج مترتبة على حقائق أخرى، أظن أن النقاش في وجود جوهر أو لا وماهية هذا الجوهر هو نقاش مباشر عن هذه الأفكار..

أتمنى لو هنالك شرح أكثر للعبثية المقصودة هنا وقيمة الهدف القليلة لا أرى الحقيقة سوى أنها جزء من الوجودية ولكن أكثر تشاؤمًا، فتشبيههم لهدف الحياة بدحرجة حجر على منحدر يعني أنه هدف ولكن قيمته قليلة في نظرهم

من قال أن قيمة أهدافهم قليلة؟

بالعكس الفلسفة تقول أنك تعطي أنت نفسك القيمة التي تريدها لأي هدف و إن بدى هذا شيئاُ بسيطاً جداً و قليل المعنى للآخرين، عليك أن تعتقد بوجود معنى و تعظّم من شأنه.

لذلك حسب وجهة نظرك قد تكون هذه الفلسفة تشاؤمية بشكل كبير أو العكس تماماً حسب المعنى الذي تسقطه.

إن قلنا أ لا تساوي ب وأيضا ت لا تساوي ب، فهذا لا يعني أن أ=ت ولقد أثبت ذلك الآن كوننا نعرف أن أ لا تساوي ت ولا يحل أحد الحرفين محل

حسنا، هنا يأتي النقاش، ومن أين عرفت أن أ لا تساوي ب؟ وعلام تبني المسلمة المنطقية التي تجعلك تقول أن التجربة هو سبيل الوصول للحقيقة وأنها تجعل المسلمات "ليست ايمانًا".

أمر آخر، أنت تقول أن التسليم بصحة المسلمات المنطقية كون الآله أخبرنا ذلك أفضل من التسليم بها لوحدها، ولا أفهم كيف يكون ذلك أكثر صحة! أنت تقول أن المسلمات لا يمكن إثباتها، فتذهب لإثباتها بشيء آخير غير مثبت أصلا، فأين الصحة الأكبر بذلك؟ هذا فقط جانب آخر من جوانب الإيمان، ويتحول الأمر إلى إيمان بالمسلمات المنطقية عندها.

أتمنى فقط قبل أن ندخل في نقاش يمس الدين ولو من بعيد، أن نتجنب التكرار، حسنًا دعنا نشرح الأمر: أولًا نضع أرضية عندما نود أن نقارن بين مسلمات المنطق المبنية على اوامر اله، ومسلمات منطق ليست مبنية على اوامر اله، ولكن هكذا يجب ان توافق معي اذا اردنا مقارنة صحيحة أن نتفق على أن مهما كان ما وراء كل منهم صحيح، اي ان الاله موجود وايًا كان على الجانب الاخر موجود، هذا لنحصل على مقارنة سليمة دون تحيزات، لا اود ادخال نقاش عن "هل الله موجود" هنا، فقط نريد ان نفترض انه موجود لانه لو كان موجودا فتفسيره للمنطق سيكون افضل -هذا ما احاول اثباته-، الان بعد أن جهزنا الأرضية، نقارن هل تفسير المسلمات من وجهة النظر الالهية افضل ام بدونها؟ بالتأكيد خالق الكون يعطيني اهم مسلمة منطقية وهي الاعتماد على العقل والمنطق ومسلماته، ففي حالة وجوده فمعنى ذلك ان كلامه صحيح، وهكذا لا يوجد من هو ادرى منه لبناء قاعدتنا المنطقية على كلامه، بينما اي تفسير اخر للمنطق سيتداعى لانه ليس مبررا اقوى من المبرر الالهي.

بإعتقادي هي وصفية وهي أصلا ضد كل ماورائي، وببساطة يمكن تمثيلها بشخص ملحد لا يؤمن بوجود معنى جوهري للحياة، وعلاوة على ذلك لا يؤمن بمعنى أي هدف يضعه لنفسه فبالتالي العالم كله خالي من أي معنى، أما شعور الناس بوجود الهدف فهذا يعود لأسباب كثيرة، كأن يكونوا مؤمنين مثلا، أو وجوديين، أو حتى لم يفكروا بالموضوع أساسا، لكن فعليا بالنسبة للملحد لا يوجد أي شيء يثبت أنه لأي مما تفعله قيمة، ضع نفسك مكان الملحد وفكر كيف ستثبت ذلك دون أن تقنع نفسك ببعض الأمور غيبا؟ ولذلك أميل للعبثية أكثر من الوجودية الإلحادية.

اذا آراء شخصية؟ لا تهمني.

قد يوقفنا عن الإهتمام بالحياة مما قد يجعلك تنتحر

ولما تهتم بالحياة بما انه يرى ان هدفه "لا معنى له"؟، هل يختلقون دائرة مغلقة فقط لابقاء اتباعهم على قيد الحياة؟

بما ان كل ما قبل هذا الاقتباس انتهينا منه، فسأبدأ بهذا:

أولاً يوجد أمور مبهجة بالحياة وإن كانت بلا معنى تجعلني أتمسك بالحياة ولا أريد التخلّي عنها، وثانياً الإنتحار ليس جميلاً، ولسنا مضطرين عليه بالظروف العادية،

اذا ترى ان السعادة والبهجة هدف في الحياة ولذلك تعيشها؟ وانت لا تريد الانتحار لانه ليس جميلا؟ هل خلطت لتوك فلسفة العبثيين مع المنفعة؟ اذا أعتبر أن هذا السؤال الذي سألته أنا ليس لديك اجابة عليه سوى اللجوء الى فلسفة اخرى، اذا مانعك الوحيد حتى الان من الانتحار انه "ليس جميلا" وهذا يعني اما ان هدفك في الحياة هو البحث عن الجمال او انك تلجأ للفلسفة النفعية، لا يمكنني حتى تخيل كيف توفق بين النفعية وميولك العبثية.

لكن أكمل بعد ذلك بأن أخلق معنى وهمي لي كي لا أقع فريسة اليأس وشعور الفراغ

ولماذا ترى انه وهمي؟ لماذا تصر على وهميته؟ لماذا لا تخلق معنى حقيقي؟ لماذا لا تكن وجوديًا؟ ما هذه الانانية لديك، تنتقي من الفلسفات وكأنك تنتقي الفتاة التي ستتزوجها ليس لانها الافضل ولكن لانك تريد ان تكون هي الافضل.

لكن ليس كل المؤمنين وجوديين، البعض يعيش على أن أهدافه بالحياة محددة مسبقا وفقط، كالصلاة والصوم وفعل الخير، دون إيجاد معنى آخر له، وهذا يجعله مؤمن غير وجودي

مثل الدوراويش ؟

صلاه صوم عبادة أعتكاف في المسجد إضافة إلى تلك الرقصة الدائرية لكنها تجعل منهم مؤمن وجودي

هل الصوفية أو ما نراه اليوم مِن مَن يدعون الصوفية هم مؤمنيين وجوديين أيضاً

اوه هذا يجعل المعتزلة كما أعتقد مؤمنين وجوديين

هل هناك مؤمنين غير وجوديين

أعني حتى رهبان المسيحية لديهم بعض الطقوس مثل قداس السبت الذي يختلط مع الأغاني أو العزف من قبل الرهبان أنفسهم و الشعائر الدينية المختلفة على مدار السنة هذا ينطبق أيضاً على رهبان البوذية في كل صلاه في المعبد لدهم أنواع من الطقوس قد تتخللها موسيقى من نوع ما

هل هناك مؤمن غير وجودي

و كيف يكون هناك شخص كهذا مع وجود الشعائر

حسبما فمت من كلامك عن المؤمن الوجودي و مثال العالم و المصور الشعائر الدينية تمنع أساساً وجود مؤمن غير وجودي !!

حتى إذا أفترضنا أن هناك مؤمنيين لا يقومون بشعائر من أي نوع ألا يبقى تصنيفة مؤمن وجودي لانة يحتفظ بالمعنى الأعلى الذي تكلمت عنة في المساهمة ؟

هل هناك مؤمن غير وجودي و كيف يمكن أن يكنو موجوداً دون أن يتم تصنيفة مؤمن وجودي ؟


فلسفة

مجتمع لمناقشة واستكشاف الأفكار الفلسفية. ناقش المفاهيم، النظريات، وأعمال الفلاسفة. شارك بأسئلتك، تحليلاتك، ونصائحك، وتواصل مع محبي الفلسفة لفهم أعمق للحياة والمعرفة.

7.7 ألف متابع