"يحترم الفن الجماهير، من خلال الوقوف في وجههم لما يمكن أن يكونوا عليه، بدلاً من التوافق معهم في حالتهم المتدهورة"

خلال نقده للثقافة الجماهيرية، وجه الألماني ثيودور أدورنو إتهامات عديدة للأعمال الفنية ذات الطابع التجاري؛ فهي برأيه ليست تعبيرًا عفويا عن الشعب، بل صناعة مدفوعة بالربح، تحرمنا من حريتنا، وتُرغمنا على التوافق مع احتياجاتها من أجل المال، صناعة طابعها الأساسي التسلية السلبية، وليس الإبداع الجمالي والفني.

وعند تأمل ذلك الوضع نلاحظ أن مسألة دور الفن وأهميته الإجتماعية، مثلت إشكالية رئيسية ونقطة خلاف على مر العصور..

فنجد فريقا مثَّله الإنجليزي جلبرت موراي، عند قوله بأن إبداع أى عمل فني لابد وأن يقوم على قصد المنفعة والاستخدام، وأن قصر وظيفة الفن على المتعة والتسلية، إنما هو نفي لقيمته وإغفال لدوره الفعال فى الارتقاء بمستوى الحياة الواقعية..

كذلك انبثقت عن المثالية الكانطية نظرية "الفن للفن" التي أقرت بقطع الصلة تماما بين الفن والمجتمع للهروب من تبعات الحاضر.. فلا يوجد خلف العمل الفني غاية أو رسالة سوى المتعة الجمالية.

لكن اتجاها ثالثا بقيادة سارتر رأى أنه إذا تضافرت القيم الجمالية التى يتضمنها العمل الفنى مع القيمة الاجتماعية التى يهدف إليها المبدع، لرأينا عملا متكاملا يجمع بين الإقناع والإمتاع، وأصبح للفن هدف أسمى من أن يكون لمجرد التسلية.

الملفت بالموضوع أن معظم تلك الآراء النقدية طُرحت خلال القرن العشرين، وليست معاصرة!

هل كان يُنظر للفن هكذا منذ عشرات السنين أيضا!

وتخيلت للحظة ما آل إليه حال الفن اليوم بكل مكوناته من فنانين، وجمهور، ونقاد..!

ولذلك أتسائل هل بإمكاننا تقييم دور الفن المعاصر وفق تلك الإتجاهات الثلاثة؟

وبرأيكم أيمكن للفن إصلاح المجتمعات فعليا، أم أنه لا يعدو كونه تسلية وترفيه؟