ليتني الطفل الذي لا يَكبُر أبداً، فلا أُنافق ولا أُهان ولا أَكره أحداً .
عبارة أردت أن أبدأ بها مقالتي هذه , بتلك الكلمات ابتدأت لا لشيءٍ إنما لأن الطفولة هي صفحة ناصعة البياض و حياة كلها صفاء، ثغر باسم، قلب نقيّ، وروح براءة . الطفولة ، عالمٌ مخمليّ ، زاهي الألوان مزدانٌ بقلوبٍ كالدر ، وأرواحٌ باذخة الطهر .
لكن....أين أنت أَيُها الطفل الفلسطيني في ظِلِ اتفاقية حقوق الطفل؟؟!!
تحتوي اتفاقية حقوق الطفل على "54" مادة تكفل كل ما للأطفال من حقوق فيما يخص حياتهم، ويمكن تصنيفها إلى خمسة مجموعات، مجموعة حقوق البقاء والصحة، مجموعة حقوق النماء والتعليم، ومجموعة حقوق المشاركة، مجموعة حقوق الحماية، مجموعة الحقوق العامة.
فَقَد أَقرّت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 20 تشرين الثاني/ نوفمبر 1989م، اتفاقية حقوق الطفل، والتي دخلت حيز التنفيذ في الثاني من شهر أيلول/ سبتمبر 1990م، وقد أكدت السلطة الوطنية في ديباجة النظام الأساسي الصادر عن المجلس التشريعي الفلسطيني عن التزامها بمبادئ القانون الدولي العام ومبادئ حقوق الإنسان، وبالتالي الالتزام بنصوص اتفاقية حقوق الطفل.
كما عقدت الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2001م اجتماعاً شارك به معظم رؤساء العالم وعدد كبير من المنظمات الدولية والعاملين مع الأطفال والأطفال، تم فيه إقرار وثيقة عالم جدير بالأطفال والتي تنص على تخفيف معاناة الأطفال، واحترام حقوقهم الواردة في اتفاقية حقوق الطفل.
وتتركز هذه المقالة على واقع حقوق الطفل الفلسطيني التي كفلتها ونصت عليها اتفاقية حقوق الطفل، والتي عرفت المادة الأولى منها الطفل بقولها: "كل إنسان لم يتجاوز الثامنة عشرة، ما لم يبلغ سنّ الرشد قبل ذلك بموجب القانون المنطبق عليه". هذا وتمثل نسبة الأطفال في المجتمع الفلسطيني الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة في منتصف عام 2000م بـ 53%. وهذا ما أظهرته بيانات دائرة الإحصاء المركزية الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية.
كان الطفل الفلسطيني ولا زال ضحيةً للعنف بشتى أنواعه سواء في محيط الاسرة أو على يد الاحتلال الاسرائيلي ,فبإلقاء الضوء على ما مر به الطفل الفلسطيني وبنظرةٍ سريعةٍ على واقع الطفل الفلسطيني أَخْلُصُ إِلى الاّتي :
منذ أكثر من 57 عام وفلسطين من أكثر الدول معاناة جراء ممارسات الاحتلال الإسرائيلي، الذي شرد ما يقارب 75000 فلسطيني عام 1948م ليصبحوا بلا مأوى، ولِيُضْحي أطفالهم لاجئين بلا أي ذنب اقترفوه.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد من البشاعة، بل تتالت الانتهاكات الإسرائيلية بحق شعبنا الفلسطيني على مدار الزمان السابق، حيث اقترف الاحتلال العديد من الانتهاكات لحقوق الإنسان الفلسطيني والتي راح ضحيتها الآلاف من الأطفال والنساء والشباب، وأدّت إلى قطع السياق التنموي التطويري للمجتمع الفلسطيني.
منذ بداية انتفاضة الأقصى، كان الأطفال الفلسطينيين ضحية للعنف الإسرائيلي، حيث قتلت سلطات الاحتلال حتى نهاية العام 2004م أكثر من 676 طفلاً دون الثامنة عشرة من العمر، كما وأصيب ما يزيد عن 9000 طفلاً، وعانى الآلاف من الأطفال من صدمات نفسية نتاج لمعايشتهم ومشاهدتهم لأحداث مروعة، إضافة إلى اعتقال 3000 طفل أو يزيد خلال الانتفاضة، وما زال أكثر من 300 طفلاً منهم يقبعون في السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلي في ظروف غير إنسانية. فالانتهاكات الإسرائيلية تركت آثار سلبية على مختلف مناحي حقوق الأطفال الفلسطينيين، سواء حقهم بالحياة، أو حقهم بالتعليم، أو حقهم بالحرية، أو حقهم بمستوى معيشي، أو صحي ملائم.
وبالنظر الى أن النمط التقليدي السائد في تربية الاطفال في مجتمعنا، مضافاً إليه الإشكاليات المجتمعية وزيادة الفقر، والنقص في تلبية الاحتياجات الأساسية لفئات المجتمع المختلفة، وتعقد الأوضاع والمشكلات التي يعاني منها الوضع الداخلي الفلسطيني من تراجع على كافة المستويات، وغياب الأدوات والخطط والبرامج المنظمة للرد على الاحتياجات الناشئة جراء هذه الظروف يضيف صعوبات ومشاكل على الإنسان الفلسطيني بشكل عام وعلى الطفل الفلسطيني بشكل خاص.أضف إلى ذلك الجائحة التي يمر بها العالم اجمع.
ولقياس مدى تمتع الطفل الفلسطيني بحقوقه نستعرض أبرز الحقوق وهي كالأتي:
_مجموعة حقوق البقاء والصحة.
_ حقوق النماء والتعليم .
_ الحق في المشاركة واللعب والترفيه.
_الحق في الحماية .
مجموعة حقوق البقاء والصحة:
الحق في الحياة: -
هو حق ثابت لكل إنسان سواء كان كبيراً أم صغيراً، فقد نصت المادة (6) فقرة (1) من اتفاقية حقوق الطفل على أن: "تعترف الدول الأطراف بأنّ لكل طفل حقاً أصيلاً في الحياة"، فيما نصت الفقرة (2) من المادة نفسها على أنّ: "تكفل الدول الأطراف إلى أقصى حد ممكن بقاء الطفل ونموه"
كما نصت المادة (38) فقرة (4) من اتفاقية حقوق الطفل على أن: "تتخذ الدول الأطراف، وفقاً لالتزاماتها بمقتضى القانون الإنساني الدولي بحماية السكان المدنيين في المنازعات المسلحة، جميع التدابير الممكنة عملياً لكي تضمن حماية ورعاية الأطفال المتأثرين بنزاع مسلح.".
والحق في الحياة هنا يعني: عدم جواز القيام بأي عمل يمس روح الإنسان أو جسده، ويشمل ذلك الطفل الذي أشارت له على وجه الخصوص الفقرة (4) من المادة (38) المذكورة سابقاً، فإنّ استهداف قوات جيش الاحتلال الإسرائيلي للأطفال، وتعمدهم قتل أكبر عدد ممكن منهم يشكل مساس خطير بحقوق الاطفال.
الحق في الصحة: -
إنّ من حق الطفل أن ينمو بشكل سليم ومعافى، وهو ما يحتاج أولا.
إلى بيئة صحية، تتيح للطفل أن ينشأ نشأة خالية من العقبات والمنغصات الصحية، خاصة وأنّ أي خطأ صحي قد يكلف حياة الطفل غالياً، أو قد يؤدي إلى عجز دائم لديه، لاسيما وأنه أكثر عرضة للأمراض من الشخص البالغ، وهو ما نصت عليه المادة (4) من اتفاقية حقوق الطفل على أنّ: "للطفل الحق في قدر كاف من الخدمات الطبية، وأنّه يجب أن يتمتع بفوائد الضمان الاجتماعي، وأن يكون مؤهلاً للنمو الصحي السليم ".
كما نصت المادة (24) فقرة (1) من اتفاقية حقوق الطفل على أنّ: "تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي يمكن بلوغه، وبحقه في مرافق علاج الأمراض وإعادة التأهيل الصحي. وتبذل الدول الأطراف جهدها لتضمن ألا يحرم أي طفل من حقه في الحصول على خدمات الرعاية الصحية هذه". سجل معدل وفيات الرضع انخفاض متزايد في الأراضي الفلسطينية بشكل متوازن، من 24.2 في عام 1997م ليصل إلى 18.1 في عام 2010م , وبالرجوع إلى إحصائيات وزاره الصحة لعام 2018م ,نجد أنه في العام 2018 بلغ معدل وفيات الرضع دون سن السنة في فلسطين 11.7 وفاة لكل 1000 مولود حي.
وفي العام 2018 بلغ معدل وفيات الأطفال دون سن الخمس سنوات في فلسطين 13.4 وفاة لكل 1000 مولود حي.
ومع أن الأطفال في مجتمعنا يتلقوا خدمات صحية، إلا أن عوامل متعددة تؤثر علي مستوى صحة الأطفال أبرزها: قلة التغذية، والازدحام داخل المساكن، وكبر حجم الأسرة، وعدم المباعدة بين الولادات، وصغر سن الام عند الزواج، والفقر، وعدم توافر الماء النقي، والبيئة النظيفة، كلها عوامل تؤثر بشكل سلبي على صحة الأطفال في مجتمعنا.
الحق في مستوى معيشي ملائم : -
كفلت المادة (27) من اتفاقية حقوق الطفل مستوى معيشي ملائم للأطفال "تعترف الدول الأطراف بحق كل طفل بمستوى معيشي ملائم لنموه البدني والعقلي والروحي والمعنوي والاجتماعي" (المادة 27-1). كما دعت إلى أن: "يتحمل الوالدان أو إحداهما أو الأشخاص الآخرون المسؤولون عن الطفل، المسؤولية الأساسية عن القيام في حدود إمكانياتهم المالية وقدراتهم، بتأمين ظروف المعيشة اللازمة لنمو الطفل" (المادة 27-2). كما وضعت اتفاقية حقوق الطفل التدابير اللازمة لمساعدة الوالدين وغيرهم من المسؤولين عن الطفل على تطبيق هذا الحق، بحيث "تتخذ الدول الأطراف، وفقاً لظروفها الوطنية وفي حدود إمكانياتها، التدابير الملائمة من أجل مساعدة الوالدين أو الأشخاص المسؤولين عن الطفل، على إعمال هذا الحق وتقدم عند الضرورة المساعدة المادية وبرامج الدعم، ولا سيما فيما يتعلق بالتغذية والكساء والإسكان.
وقد انعكس سوء الأوضاع الاقتصادية على مختلف مناحي حياة الأطفال الاجتماعية والتعليمية والصحية …الخ، كما وساهم الحصار الاقتصادي، بزيادة الفقر والبطالة، والتي سببت بدورها عدم مقدرة الأهالي على توفير متطلبات الحياة لأطفالهم. فمما لاشك فيه أنّ الأوضاع الاقتصادية والمعيشية تلعب دوراً مهماً، ورئيساً، ومحدداً لكيفية النمو المتكامل للطفل، فبقدر ما يتاح للطفل العيش في ظروف سكن وكساء وتغذية، وجو اجتماعي ملائم، بقدر ما يتوفر له شروطاً أمثل لتكوينه الجسماني والعقلي والنفسي، بل أيضاً تضمن الوصول إلى النمو المتكامل جسمياً ونفسياً وثقافياً وفكرياً، بحيث يسمح لنمو مواهبه وقدراته الفنية والإبداعية، هذه الأمور مجتمعة حالت دون توفير مستوى معيشي ملائم للأسر عامة، وللطفل خاصة، بحيث لم تعد الأسر قادرة على توفير الكثير من الحاجات الأساسية لأبنائها، وقد انعكس ذلك بشكل سلبي على نمو الطفل النفسي والجسدي، وعلى حصوله على الغذاء والكساء الملائمين، في ظل عدم إمكانية الأسر توفير متطلبات الطفولة، مثل انخفاض مصروف الطفل اليومي، مما يعزز شعوره بالحرمان، فضلاً عن ضيق المساكن وعدم وجود مساحات للأطفال للتعبير عن مشاعرهم ومشكلاتهم في البيت والمدرسة والشارع، مما أدّى أيضاً إلى ارتفاع معدلات سوء المعاملة واستخدام العنف معهم، مما يؤكد أن الحياة الكريمة والملائمة لم تتوافر بعد لأطفال فلسطين.
حقوق النماء والتعليم : -
من حق الطفل أن يتلقى تعليم نوعي يستهدف "رفع ثقافة الطفل العامة وتمكينه على أساس من تكافؤ الفرص من تنمية ملكاته وحصانته وشعوره، بالمسؤولية الأدبية والاجتماعية ومن أن يصبح عضواً مفيداً في المجتمع". كما أكّدت أيضاً المادتان 28 و29 من اتفاقية حقوق الطفل على حق الطفل في التعليم، وتيسير الوصول إلى المعرفة العلمية والتقنية، وتنص اتفاقية حقوق الطفل مادة (28) على أن: "تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في التعليم، وتحقيقاً للتنفيذ الكامل لهذا الحق تدريجياً وعلى أساس تكافؤ الفرص، تقوم بوجه خاص بما يلي جعل التعليم الابتدائي إلزامياً ومتاحاً مجاناً للجميع، وتشجيع تطوير شتى أشكال التعليم الثانوي سواء العام أو المهني، وتوفيره وإتاحته لجميع الأطفال، واتخاذ التدابير المناسبة، مثل: إدخال مجانية التعليم، وتقديم المساعدة المالية عند الحاجة إليها.
توفر السلطة التعليم العام ورياض الأطفال لنسبة تبلغ 62.2 % من مجموع الطلاب، كما توفر وكالة الغوث الدولية مثل هذا التعليم بنسبة تبلغ 23.7 %، أما النسبة المتبقية (14.10%) فيوفرها قطاع التعليم الخاص، ترتفع نسبة التسرب مع تقدم المرحلة التعليمية، إذ نجد أن نسبة 6.6 % من الإناث و4.0% من الذكور يتركون مقاعد الدراسة في المرحلة الثانوية، للعام الدراسي 1998/1999م، يتفاوت معدل عدد الطلبة لكل معلم حسب الجهة المشرفة والمنطقة، إذ تشير التقارير إلى أن المعدلات الأعلى موجودة في مدارس وكالة الغوث الدولية، حيث بلغ معدل عدد الطلبة لكل معلم 39.4 طالباً، مقابل 27.9 طالباً لكل معلم في المدارس الحكومية، و17.9 طالباً في المدارس الخاصة ، ومع ذلك يعاني الأطفال في مجتمعنا من عدم توافر الوسائل والموارد والأنشطة، ونقص التجهيزات بالمدارس إلى جانب غياب دور الأهل في النظام المدرسي، والاهتمام بكم المعلومات مع إهمال حاجات الطفل الأخرى، وعدم الوعي بقيمة اللعب والأنشطة التعليمية.
الحق في المشاركة واللعب والترفيه : -
نصت المادة (31) من اتفاقية حقوق الطفل بضرورة أن: "تعترف الدول الأطراف بحق الطفل في الراحة ووقت الفراغ، ومزاولة الألعاب وأنشطة الاستجمام المناسبة لسنه، والمشاركة بحرية في الحياة الثقافية وفي الفنون". وإذا طبقنا هذه النصوص على وضع الأطفال الفلسطينيين في ظل الانتفاضة، لوجدنا النقيض من كل ذلك، فجو التوتر العام وانتشار حالات الخوف والهلع بين الأطفال الفلسطينيين، واضطراب سلوكهم، حال دون تمتعهم بأوقاتهم. ناهيكم عن سوء تلبية هذا الحق أصلاً في حياة الأطفال؛ بسبب نقص المتنزهات وأماكن الترفيه الخاصة بالأطفال، وهذا منافي لنص المادة (31-2) من اتفاقية حقوق الطفل "تحترم الدول الأطراف وتعزز حق الطفل في المشاركة الكاملة في الحياة الثقافية والفنية، وتشجع على توفير فرص ملائمة ومتساوية للنشاط الثقافي والاستجمامي، وأنشطة أوقات الفراغ."
وبنظرة إلى واقع مشاركة الأطفال في المجتمع الفلسطيني نجد أن هنالك عدد من المعيقات تقف أمام تحقيق ذلك منها الاعتقاد بأن الأطفال غير قادرين على الاختيار، والقيام باتخاذ قرارات أو مسؤوليات الكبار ذاتهم الذين لم يتمرنوا على المشاركة، عدم احترام رأي الطفل .
حقوق الحماية : -
الأطفال الذين يعانون من سوء المعاملة، والإهمال والاستغلال في مجتمعنا: تنص المادة (34-1) من اتفاقية حقوق الطفل على أن: "تتعهد الدول الأطراف لحماية الطفل من جميع أشكال الاستغلال الجنسي والانتهاك الجنسي، تنص المادة (36) من ذات الاتفاقية على أن: "تحمي الدول الأطراف الطفل من سائر أشكال الاستغلال الضارة بأي جانب من جوانب وفاة الطفل". كما تنص المواد من (32 وحتى 40) على حماية الأطفال من التعذيب والحرمان من الحرية، ومن تعاطي المخدرات أو بيع الأطفال، ومن الاستغلال الجنسي، كما وتكفل للأطفال ضحايا الاستغلال والإهمال رعاية تأهيلية، وتكفل أيضاً معاملة خاصة للأحداث. ومع ذلك تتعرض حقوق الأطفال في الحماية إلى جملة من الانتهاكات من قبل بعض الأهالي الذين لا يحسنوا تربية أبنائهم، حيث يساهم التفكك الأسري وزيادة معدلات الطلاق في مجتمعنا، والمبالغة في عقاب الأطفال من قبل الأهل أو المعلمين إلى جانب تغيير سلم القيم والهبوط الأخلاقي المستمر، وزيادة الفقر والبطالة، وسوء التعامل مع الأطفال الذي بدوره يفرز عوامل تسبب في انتهاك حقوق الأطفال.
كما لا تزال بعض المعتقدات والتقاليد تكرس التميز بين الولد والبنت في كل مناحي الحياة في التعليم والصحة والمشاركة والترفيه والعمل، أما في مجال حقوق فئات الأطفال ذوي الحاجات الخاصة فلا يزال عدد كبير منهم يعاني الإقصاء والتهميش في داخل مجتمعنا برغم الجهود التي تبذلها بعض المؤسسات العاملة معهم، حيث يحمل المجتمع موقفاً سلبياً في التعاطي مع قضاياهم، حيث يتم التعامل معهم من باب الشفقة والإحسان عليم وليس على قاعدة الحق الذي يجب توفير أوسع الفرص لكفلته وضمان احترامه.
الخلاصة : -
من خلال قراءة واقع الطفل الفلسطيني من حيث حقوقه وحرياته الأساسية، وبين ما هو منصوص عليه ومؤكد في اتفاقية حقوق الطفل، يتبين لنا الفرق الواسع بين ما هو مضمون ومكفول من حقوق وحريات أساسية للطفل وبين الانتهاك الفاضح والمعلن المنظم اتجاه الطفولة الفلسطينية حياةً وأمناً وصحةً وتعليماً وحماية. وفي هذه المعالة تتحمل دولة الاحتلال الإسرائيلي الجانب الأكبر من المسؤولية عن انتهاك حقوق الطفل الفلسطيني كونها لا تقيم وزناً ولا قيمة لكل الاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، ومنها اتفاقية حقوق الطفل التي لم تلتزم فيها بتعهداتها تجاه حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.
وأما على المستوى الفلسطيني الداخلي، فيشكل الأطفال مجتمع الغد، وبالتالي الاهتمام بتنشئتهم وتنمية قدراتهم حتى يتسنى لهم أن يساهموا بل وليكونوا عنصر تقدم وترقية اجتماعية، فمواطنة الطفل والشاب لا تمر بالضرورة عبر التصويت، إنما عبر إعطاء الأطفال والشباب الاعتبار للتعبير عن ذاتهم والاعتراف بهم كعنصر أساسي مشكل للجماعة والمجتمع، ونتيجة ذلك تبرز مواطنته عبر فعله تجاه المجتمع وتأثيره في قضاياه. هذا لن يتم إلا من خلال منح الأطفال حقوقهم، فالمجتمع الفلسطيني ومؤسساته مدعو لأن يضع قضية الأطفال وحقوقهم على رأس أولوياته من أجل علاج الآثار السلبية الناجمة عن انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي، من خلال برامج موجهة للأطفال بشكل عام والفئات التي تعرضت بشكل خاص حقوقهم للمساس المباشر، كالأطفال المصابين والأطفال الأسرى والأطفال الذين هدمت منازلهم أو أبناء الشهداء والأسرى... وغيرهم من الفئات المهمشة .
وهو ما يزيد العبء على كاهل المنظمات الأهلية المعنية بالأطفال فعليها أن تضاعف جهودها في مجال التوعية بحقوق الأطفال، وتوفير أوسع الفرصة التنموية لتلبية احتياجات الأطفال، كما أنها مطالبة بحسن إدارة برامجها، وضمان مشاركة الأطفال فيها وتفعيل التشبيك فيما بينها من أجل الضغط لاحترام حقوق الأطفال.
إن الجميع مطالب بأن يعمل على إيجاد بيئة وظروف أفضل لأطفالنا تعمل على تلبية احتياجاتهم واحترام حقوقهم، بيئة تتيح لهم المجال بالتطور والنمو والارتقاء فهم جيل الغد وحماة المستقبل.
واخيرا اقول:
إذا أردنا أن نعلّم السلام الحقيقيّ في هذا العالم ونخوض حرباً ضدّ الحرب، علينا أن نبدأ بأطفالنا .
بقلم / أ . رندة مصطفى قدادة .