تسنيم خالد صعابنه

هناك انتشار واسع للمكملات الغذائية في المجتمعات الفلسطينية، منها ما يباع بوصفة طبية ومنها ما يباع بوصفة شعبية، وقد يشير البعض إلى أن المكملات الغذائية تصنف ضمن الأطعمة والبعض الآخر قد يشير إلى أنها من الأدوية، والعديد من المكملات الغذائية تباع على شكل حبوب، أو حقن، أو مسحوق، أو سوائل، وتُستخدم في بعض الأحيان للوقاية من حالات نقص الأغذية.

أصبحت المكملات الغذائية الآن منتشرة بشكل واسع بين الناس، ويتم شراؤها عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بما يسمى التسوق الإلكتروني، وكثير من المكملات الغذائية تُعرض على البسطات، وموجودة في الصيدليات، وهناك مكملات غذائية تباع في محلات بيع الملابس، في ظل غياب دور الجهات المسؤولة في فرض الرقابة ومتابعة معايير الجودة عليها.

وفي هذا التحقيق نتناول موضوع المكملات الغذائية وآلية انتشارها، وما هي المكملات الغذائية؟ وما دور وزارة الصحة في مراقبة هذه المكملات، وآليات الرقابة عليها من قِبل الجهات المختصة؟ وعلى أي أساس يضع الموزع الفلسطيني سعر التكلفة؟ وما دور حماية المستهلك والرقابة عليها؟ وما المشاكل الصحية التي قد تحدث نتيجة الإفراط في تناول المكملات الغذائية؟ كل هذه الأسئلة سيتم الإجابة عنها في هذا التحقيق.

ما هي المكملات الغذائية؟ المكملات الغذائية هي جميع المستحضرات أو المواد المركّبة التي تكمل النظام الغذائي بمواد مثل الفيتامين والبروتينات والمعادن والألياف والأحماض الدهنية والأحماض الأمينية والتي قد تكون ناقصة أو مفقودة في النظام الغذائي للشخص، وينتاولها الرياضيون بكثرة، حتى تستفيد أجسامهم من التمارين الرياضية، لمواجهة الجهد الذي يمكن أن يقوموا به في أثناء تمارينهم الرياضية، وليست مخصصة للمرأة الحامل أو المرضع.

نقابة الصيادلة: يجب أن يكون مالك مستودع المكملات الغذائية صيدلانياً، ومنع بيعها في مكان آخر يوضح نقيب الصيادلة، أيمن خماش، أنه يجب أن يكون مالك المؤسسة الصيدلانية صيدلانياً، لكن لم يكن هنالك ترحيب من قِبل وزارة الصحة، لأسباب خاصة.

ويقول خماش: «لا يوجد نظام تسعيرة في وزارة الصحة للمكملات الغذائية، عكس الدواء الذي يتم تسعيره؛ وهذا أدى إلى ارتفاع أسعار المكملات الغذائية نتيجة عدم وجود نظام تسعير، بالإضافة إلى وجود أصناف أدوية بالتركيب نفسه، لكن بأسماء مختلفة؛ وهو ما يؤدي إلى زيادة العبء على من يعملون في مجال الصيدلة».

ومن جانبه يقول خماش: «إن هناك تضليلاً إعلامياً لبيع المكملات الغذائية من خلال وسائل التواصل الإعلامي بشكل غير قانوني، بسبب عدم تسجيلها في وزارة الصحة، وهذا يشكل خطراً على المواطن، حيث لا توجد رقابة على ذلك».

ويشير خماش إلى أن المكملات الغذائية غذاء لا دواء، فالجميع يعلم أن الأدوية تمر بمراحل الفحوص والأبحاث والتي تستغرق سنوات، والمكملات الغذائية لا تمر بهذه المراحل، وهي ليست علاجاً للأمراض ولا بديلاً للأدوية.

الإفراط في تناول المكملات الغذائية قد يؤدي إلى مشاكل صحية يحرص كثير من الشباب على الحصول على جسم مفتول العضلات، ولم يكتفِ هؤلاء الشباب بالنظام الغذائي والرياضة فقط، بل يلجأ كثير من هؤلاء إلى تناول المكملات الغذائية، بهدف الإسراع في بناء العضلات وتضخيمها، علماً أن هناك كثيراً من المكملات الغذائية غير مرخصة من قِبل وزارة الصحة، حيث تحتوي المكملات الغذائية على نسبة عالية من الأحماض الدهنية اللازمة لبناء الكتلة العضلية، وتعويض الخلايا التالفة والهرمونات والتي قد تؤثر في الجسم عند تناولها بكثرة.

متى نلجأ إلى المكملات الغذائية؟ تؤكد أخصائية التغذية ألما أرشيد، أن المكمل الغذائي مهم فقط في حالة وجود نقص لا يمكن تعويضه عن طريق الغذاء، والمكملات لها دورها المهم في بعض الحالات مثل الحمل، أو أمراض فقر الدم، أو الأشخاص الذين من الصعب أن يوفروا احتياجاتهم من المواد الغذائية، بسبب نمط الحياة أو لحالة طبية معينة.

وتضيف أرشيد أن بعض الأنواع من المكملات تركيزها عالٍ جداً؛ ومن ثم تعامَل معاملة الأدوية وتُستخدم في حالات النقص الشديد ويتم إعطاؤها بإشراف طبيب.

وفي السياق ذاته، تشير أرشيد إلى «كون المكمل الغذائي يمكن بيعه دون وصفة طبية لا يعني ذلك أن الشخص قادر على تناوله دون إشراف، لأن هناك بعض الأنواع إذا استُهلكت بجرعات كبيرة فمن الممكن أن تؤدي إلى أعراض سُمية أو بعض الآثار الجانبية مثل الإسهال أو الغثيان أو حصوات الكلى».

وتبين أرشيد أن المكملات الغذائية أكثر من نوع، وكل نوع يختص بحالة معينة، منها ما يحتاج وصفة طبية ومنها ما يمكن بيعه دون وصفة.

ما دور حماية المستهلك في مواجهة هذه المكملات الغذائية؟ بدورها، تؤكد رئيسة مساعدة حماية المستهلك، الدكتورة فيحاء البحش، أنه لا يوجد أي مانع من قِبل وزارة الصحة يمنع استخدام المكملات الغذائية، والخطر هنا هو استخدام هذه المكملات بطريقة غير مدروسة غير مبرمجة، قد تؤدي إلى وجود آثار ضارة وأضرار جانبية على المدى البعيد.

وتضيف البحش: «نحن كمسؤولين في جمعية حماية المستهلك، طالبنا بمتابعة وتوضيح لموضوع المكملات الغذائية من ناحية إيجابياتها وسلبياتها، فمثلاً الحليب البودرة الذي يتم إعطاؤه للأطفال هو عبارة عن مكمل غذائي وليس حليباً طبيعياً، لذلك طالبنا وزارة الاقتصاد ووزارة الصحة بأن يُكتب على هذا الحليب أنه عبارة عن مكمل غذائي لتدعيم مناعة الأطفال وليس حليباً طبيعياً».

وتبين البحش أنه على الرغم من أن المكملات الغذائية تأتي من مصادر طبية فإن كلمة «طبيعي» لا تعني بالضرورة أنه آمن، فهذه المكملات الغذائية قد تكون ذات نوعيات رديئة وتحتوي على ملوثات.

وعن استخدام المكملات الغذائية، تقول البحش: «على المؤسسات والشركات والمتاجر والصيدليات التي تبيع هذه المكملات أن تعطي توضيحاً كاملاً عن استخدام هذه المكملات ومتى يجب استخدامها وعن آثارها الجانبية، فمثلاً هناك مشروبات الطاقة التي تنتشر بشكل كبير بين الأطفال والطلاب ويتناولونها بكميات كبيرة، علماً أن كميات السكر الموجودة فيها قد تؤثر في القلب والكبد.

وعن الأسعار، توضح البحش أن لا علاقة لوزارة الصحة بأسعار المكملات الغذائية، وهي غير مسؤولة عن أي سعر دواء أو مكمل غذائي، ودورها يقتصر فقط على السماح بوجود هذه المنتجات أو عدم وجودها.

وفي السياق ذاته، تقول البحش: «لا توجد رقابة على المعابر والحدود، وهذا قد يؤدي إلى دخول مواد وسلع عديدة ومتنوعة إلى الأسواق، ويتم عادةً كشف هذه المواد بعد دخولها وتوزيعها واستخدامها من قِبل المواطنين، واكتشافهم خللاً فيها، وحينها تتم الشكوى».

الأضرار الناجمة عن المكملات الغذائية تسبب المكملات الغذائية كثيراً من المشاكل والأمراض الخطيرة، فقد تكون خطيرة على الجسم مع الاستخدام المتواصل، وسبباً في تدمير الخلايا الأساسية والأنسجة، وتؤثر في الجهاز الهضمي، وتسبب مرض كرون، بسبب وجود مادة الكرياتين فيها.

ومرض كرون هو التهاب شديد ومزمن يصيب الأمعاء، ويمكن أن يؤثر في الطبقات النسيجية المبطنة للجهاز الهضمي؛ وهو ما قد يؤدي إلى ألم بالبطن، وإسهال شديد، وتعب، وفقدان في الوزن، وسوء تغذية.

وقد يسبب تناول المكملات الغذائية الصداع وصعوبة التنفس والطفح الجلدي، بالإضافة إلى العجز الجنسي للرجال، بسبب تعزيز مستويات هرمون التوستستيرون، والشخص المدخن الذي يأخذ مكملات غذائية تحتوي على «البيتا كاروتين» أكثر عرضة للإصابة بسرطان الرئة.

المكملات ليست منشطات، وهناك خلط بينها وبين الهرمونات يقول الدكتور عبد الحكيم الشامسي، على حسابه بموقع فيسبوك، إن كثيراً من الأشخاص يخلطون بين الهرمونات والمكملات الغذائية، حتى إنهم يطلقون عليها في أحيان كثيرة اسم «المنشطات»، وهنا يبرز الخطأ فالمكمل الغذائي لا يمكنه أبداً أن يضر الكلى أو الكبد، عكس الهرمونات التي تعتبر ممنوعة دولياً، فهي التي تلحق الأذى بالشخص وقد تصيبه أيضاً بتليف الكبد، ويتم عادةً تناولها كحبوب أو تُحقن في الجسم، ومن هنا ينبغي أن يكون لدى الإنسان وعي واطلاع كامل، ليستطيع التفرقة بين المكمل والهرمون.

ويتابع الشامسي: «أنصح الشاب بالابتعاد عن استخدام المكملات الغذائية والهرمونات، وتناول المكملات الغذائية المحتوية على محفزات الهرمونات، فهذه آمنة ومصدق عليها من منظمة الصحة العالمية، ويجب شراء المكملات الغذائية من أماكن موثوقة ومعتمدة لدى وزارة الصحة، ولا أنصح أبداً بشراء هذه المكملات عن طريق الإنترنت، فهذه المكملات قد تحتوي على مواد ثقيلة، أو مواد محرمة كمشتقات الخنزير.

وبيّن الخبير الشامسي أن المكملات الغذائية الخاصة بحرق الدهون غير مناسبة للجميع، خاصة لمن يعاني ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب، بسبب احتوائها على مادة الكافيين التي تزيد من سرعة جريان الدم؛ ومن ثم تسبب انفجاراً بالوريد.

تجارب استخدام المكملات الغذائية

تقول رانيا عبد الكريم: «تجربتي مع المكملات الغذائية بدأت بتناول زيت كبد الحوت، لكنني لم أستفد منه نهائياً، فأصبحت أبحث عن مكملات أخرى أكثر فائدة، فوجدت حبوب سنتروم موجودة في الصيدليات ويوجد منها العديد من الأشكال والألوان، فهذه الحبوب تمد الجسم بالفيتامينات والمعادن الهامة التي يحتاجها الجسم.

وأضافت رانيا: «لاحظت من بداية تناولي هذه الحبوب كثيراً من التغيرات الإيجابية التي حدثت لي، فهذه الحبوب تعمل على تقوية البصر وتمنع تساقط الشعر وتعزز صحة البشرة وتعالج الأظافر الضعيفة والمتكسرة».

«يتم وصف هذه الحبوب للأطفال والبالغين والرجال الذين لم يتجاوز عمرهم 50 عاماً، ويُسمح للجميع بتناول هذه الحبوب ما عدا الحالات التي تتناول حبوبا أخرى»، هكذا أنهت رانيا حديثها.