منشور لأحد من أصدقائي على فيسبوك أعجبني كثيرا..

المرأة في الإسلام لها كيانها الخاص بها.. أجلَّها الإسلام واحترمها وساواها بالرجال ولم يجعلها سلعة كما يصور البعض ولم يجعلها دابة تربط وتقيد.. والنصوص الدالة على مساوات النساء بالرجال كثيرة ومتواترة في القرآن.. قال الله عزوجل..'' إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما.. ''.. وكما جاء في الحديث قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم "إنما النساء شقائق الرجال ما أكرمهن إلا كريم وما أهانهن إلا لئيم"..

الإسلام زكى المرأة وجعلها أميرة في مملكتها تُؤتَى إليها حوائجها وتُقضَى، ويُسعى على مطالبها واحتياجاتها.. وهي شقيقة الرجل وجزء منه لها حقوقها وعليها في بيتها مسؤوليات وتبعات..عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ" متفق عليه..

المرأة والرجل سواء.. يعاون كل واحد منهما الآخر ليبنيا بيتا سعيدا مستقرا وينشئا جيلا متزنا متينا قويا يصلح لقيادة نفسه وإنشاء بيته ورعايته ومن ثم قيادة الأمة كلها.. ولن يتأت ذلك إلا إذا نشأ في أحضان بيت يظلله جناح أب يؤدب ويقوم وأم تحنوا وتعطف.. فينشأ مكتملا عقلا وقلبا.. هذا هو الأصل.. أن تقر في بيتها وتقدم كل ما لديها لبيتها وأسرتها فلا تقصر في حقوق زوجها ولا في حقوق أبنائها وتربيتهم.. لذلك جاء الأمر به في أثناء الحديث عن الآداب الخاصة بالنساء.. وكأن الأمر تاج على رأسها تتكلل به وتتزين.. لا أمر بالإذلال والإخضاع والتعنت والتشدد ولا كل ما يصوره بعض المغرضين النافثين سمومهم في آذان أمتنا سواء كانوا رجالا أم نساء.. فقال سبحانه.. '' وقرن في بيوتكن.. '' ولا يُنتزع الكلام من سياقه ولا يفسر بعيدا عن بقية الآية التي تدل على جواز خروجها مع مراعاة الآداب الخاصة بها.. فأعقب الله كلامه بقوله سبحانه.. '' ولا تبرجن تبرج الجاهلية.. ''.. مما ينبئ ويخبر أنها ستخرج وأن الأمر ليس على سبيل الوجوب بل الأمر للاستحباب والتشريف.. لهن فهن جواهر مصونات لا يجب أن تلحظهن كل عين فإن من أصحاب العيون البر والفاجر.. البر الذي يتقي الله ويراعي حق الله في بصره فيغضضه ويراعي حق غيره فلا يقتحم حرماته.. ومنهم الفاجر الذي يُعمل نظره في النساء ويتحدث فيهن ويتلمس مواضع عثراتهن ويتتبع عوراتهن.. لذلك جاء الأمر كذلك متبوعا بآداب الخروج.. "ولا تبرجن تبرج الجاهلية".. فمن اضطرتها الحاجة للخروج من أجل المعيشة وعدم وجود العائل أو فقر وقلة حيلة منه فقد يكون صاحب عيال وعمله غير كاف للحصول على ما يكفيهم لمعايشهم فتساعد هذه المرأة العظيمة زوجها في بيته متنازلة عن حق من حقوقها بإرادتها ومن أجل حبها لزوجها وعيالها..

ولم يمنع الإسلام أن تخرج المرأة حتى وإن لم تحتج للمال بل هي على الخيار.. فتستأذن زوجها والنبي صلى الله عليه وسلم أمر الرجال أن يأذنوا لزوجاتهم إذا استأذنّهم للخروج.. روى البخاري وأحمد وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.. ''قد أذن لكن أن تخرجن في حاجتكن.. ''.. وعن ابن عمر أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم..'' إذا استأذنت امرأة أحدكم فلا يمنعها.. ''.. ولم تتعين هذه الحاجة كما يتعسف البعض في القول في أن الكلام للخروج إلى المسجد فقط أو لقضاء الحاجة..

وعمل المرأة وخروجها ليس لحاجة المال والاحتياج له فقط.. بل قد تكون حاجتها هي العمل نفسه وأن تشعر بكيانها ووجودها داخل المجتمع وتكون عامل بناء فيه.. غير أنه يفضل لها أن تعمل في الأعمال التي ليس فيها مشقة ولا تعب والتي تليق بها وبتركيبتها الجسمانية والنفسية.. وهذا من باب التكريم لها والأفضلية والإسلام لم يمنعها من القيام بالأعمال الشاقة إذا اضطرت إليها أو إذا أرادتها باختيارها.. ففي الحديث عن جابر بن عبد الله يقول.. '' طلقت خالتي فأرادت أن تَجُدَّ نخلها فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال.. '' بلى فجدي نخلك فإنك عسى أن تصدَّقي أو تفعلي معروفا.. ''.. وجداد النخل هو جني ثماره ولا يخفى على أحد مشقة هذا العمل وصعوبته.. وحديث أسماء رضي الله عنها.. تقول.. كنت أنقل النوى من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأسي وهي على ثلثي فرسخ فجئت يوما والنوى على رأسي فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من أصحابه فدعاني ثم قال '' إخ إخ '' ليحملني خلفه فاستحييت أن أسير مع الرجال وذكرت الزبير وغيرته وكان من أغير الناس فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أني قد استحييت فمضى وجئت الزبير وقلت له فقال والله لحملك النوى أشد عليَّ من ركوبك معه قالت حتى أرسل أبو بكر بعد ذلك بخادم فكفتني سياسة الفرس فكأنما أعتقني.. '' رواه البخاري ومسلم.. وتفكر في كلمتها فكأنما أعتقني تدل على مشقة العمل الذي كانت تؤديه وصعوبته..

ويستحب للمرأة أن تكون يدها طويلة فتعمل وتتصدق وتزاحم الرجال في هذا الخير كما في حديث جابر الذي سبق " بلى فجدي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفا ".. وروى مسلم عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسرعكن لحاقاً بي أطولكن يداً قالت فكن يتطاولن أيتهن أطول يداً قالت: فكانت أطولنا يداً زينب لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق".. فهذا فيه دلالة على استحباب عمل المرأة ..

والمرأة يحتاج إليها المجتمع في بعض التخصصات التي لا يغني الرجال عنهن فيها كطبيبة للنساء وخاصة تخصص النساء والتوليد وأن تعمل ممرضة وأن تعمل مدرسة لبناتنا وأطفالنا ولا يخفى على أحدكم المصائب التي تحدث بين المدرسين والبنات خاصة في مرحلة الثانوية والتي تحتاج البنت فيها إلى مدرس خصوصي يشرح لها المادة وقد يغلق الأهل عليهما الباب لكي لا يزعجوهم فتأتي المصائب من وراء ذلك .. وإذا كنا نحتاج إلى المرأة في رفع هذه الأضرار والمفاسد فقد يرتقي عمل المرأة من الاستحباب إلى الوجوب في هذه الحالات التي وصفناها .. وهناك من النساء النابغات والتي تمتلك العلم والإرادة والعزيمة والفهم والذكاء ما يكره على المجتمع حصر دورهن في المطبخ وخدمة الزوج والعيال بل يجب إعطائهن الفرصة الكاملة للعمل والإبداع فيما يحسن..

هذا وإن كانت المرأة ستقصر في حق زوجها وحقوق أبنائها.. فنذكرها هنا بأن على عاتقها مسؤولية وتبعة ستسأل عنها أمام الله.. كما في الحديث " وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ ".. فإن قصرت فيه فهي مذنبة وإن أجادته وقامت به على أكمل وجه فهي مأجورة ومثابة عند الله.. وإذا خرجت للعمل فهو مباح وإن قعدت وقرت في بيتها فهو الأولى والأفضل.. فتخير ما بين هذا وذاك.. فإن أرادت الخروج مع الإقرار بأنها تستطيع القيام بالواجبات المتعلقة بها فلها ذلك.. وإن لم تقم بواجباتها فزوجها مسئول عنها أمام الله فله أن يمنعها ويأخذ على يدها حتى لا تقحم نفسها في النار.. '' يا أيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا.. ''..وقال سبحانه .. "الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم" فهو قوام عليها يرعاها ويحفظها وأولى الحفظ أن يحفظها من أن تقحم نفسها النار والعياذ بالله فيكون منعه لها لحبه وإشفاقه عليها لا للتعنت والتجبر والتشدد..

وهكذا فإن الشرع بريء من تعنت المتعنتين وتشدد المتشددين وتسيب المتسيبين وتفريطهم.. فعمل المرأة بالنظر إلى مجمل النصوص نجد أنه يأخذ كل أشكال الأحكام الخمسة جميعها فهو ما بين واجب وحرام ومستحب ومكروه ومباح ..مع الالتزام الكامل بآداب الخروج وتتذكر موقف أسماء رضي الله عنها في حفظها لمشاعر زوجها حتى في غيابه عنها فلا تتمايل ولا تتغنج ولا تخضع في قولها ولا ترفع صوتها بغير حاجة ولا يحل لها أن تعمل في عمل فيه خلوة مع رجل واحد أو مع رجال يخشى عليها منهم والخلوة محرمة لذاتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم " ألا لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان " رواه أحمد والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما .. وقال صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس بينه وبينها محرم " رواه الطبراني عن ابن عباس رضي الله عنهما..

@abu.obeida.9699