لا تشغل قلبك بغير ما خُلق له

مقدمة

القلب هو مركز المشاعر، وموضع الإيمان، والمحرّك الأساسي لأفعال الإنسان. وعندما يُشغل القلب بما لم يُخلق له، فإنه يفقد صفاءه، ويصبح أسيرًا للهموم والأوهام. فالإنسان في رحلته في هذه الحياة بحاجة إلى أن يدرك الغاية الحقيقية التي خُلق من أجلها، وهي عبادة الله، والتقرب إليه، والسعي لما ينفعه في الدنيا والآخرة.

القلب وهدفه الأسمى

خلق الله الإنسان وسخّر له ما في الكون ليعينه على تحقيق هدفه الأساسي: عبادة الله ومعرفته وتوحيده. فإذا امتلأ القلب بشيء آخر غير ذلك، فإنه ينحرف عن طريقه ويضيع في متاهات الدنيا. قال تعالى:

> "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون" (الذاريات: 56).

وهذا يعني أن القلب يجب أن يكون منشغلاً بطاعة الله، والتفكر في آياته، وحب الخير، وليس باللهو والملذات الفانية التي تُبعده عن رسالته الحقيقية.

ماذا يشغل القلب عن غايته؟

هناك أمور كثيرة قد تشغل القلب عن وظيفته الحقيقية، منها:

1. التعلّق الزائد بالدنيا: كالسعي المفرط وراء المال، أو الشهرة، أو العلاقات التي لا تنفع.

2. الذنوب والمعاصي: فهي تُظلم القلب وتبعده عن النور الإلهي.

3. الهموم والقلق على ما لا يستحق: كالخوف المفرط من المستقبل أو الحسرة على الماضي.

4. التعلّق الزائد بالبشر: الحب المفرط الذي يجعل الإنسان ينسى أن الله هو مصدر الطمأنينة الحقيقي.

كيف نجعل قلوبنا مشغولة بما خُلقت له؟

الإكثار من ذكر الله: قال تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب" (الرعد: 28).

التفكر في نعم الله وآياته الكونية: فهذا يزيد اليقين ويقوي الإيمان.

الانشغال بالعمل الصالح: مثل قراءة القرآن، والصلاة، ومساعدة الآخرين.

الابتعاد عن كل ما يبعد القلب عن الله: سواء كانت عادات سيئة أو علاقات غير نافعة.

خاتمة

القلب أشبه بوعاء، إن ملأته بحب الله وذكره، أشرق بنوره واطمأن، وإن شغلته بما لا ينفع، امتلأ بالهموم والاضطراب. فليحرص الإنسان على أن يجعل قلبه في المكان الذي خُلق ليكون فيه، حتى يجد السعادة الحقيقية في الدنيا والآخرة.

"لا تشغل قلبك بغير ما خُلق له، فتخسر الدنيا والآخرة."