أعلم أن النصيحة المقدسة لأي طفل هي العكس تماما. لا تتحدث مع الغرباء ولا تقترب منهم، وأعلم أيضا السبب وراء ذلك، فخوفنا أن ينخدع الطفل لصغر سنه وقلة خبرته تجعلنا نحاول حمايته بشتى الطرق.

لكننا ربما نحتاج إلى تغيير هذه النصيحة إلى: كن حذرا حين تتحدث مع الغرباء. حافظ على مساحتك الشخصية وخصوصيتك لكن لا تتجنب الحديث بالكامل.

للأسف حين نحاول حماية أطفالنا نبالغ في ذلك أحيانا، فلا نسمح له بالشراء من المتجر وحده، أو السؤال عن الطريق، أو التعرف إلى شخص جديد في مكان عام. نعم يجب أن نلاحظ ما يفعله ونتأكد من بقائه آمنا، لكننا نحتاج أيضا لإعداده ليكون بعد سنوات قليلة مستقلا عنا. أن يستطيع التصرف وحده إن قام أحدهم بإحراجه مثلا أمام مجموعة من الناس، أو إذا فقد الطريق ويريد سؤال أحدهم، أو أي موقف آخر سيتعامل فيه بالتأكيد مع غرباء لم يراهم من قبل.

أظن أنني سأسمح لأولادي بالتأكيد بالحديث مع الغرباء ورؤية العالم بعيون كثيرة مختلفة وليس فقط برؤيتي أنا القاصرة. سأعلمهم كيف يتعاملون مع الناس باختلافاتهم فيقبلون ويرفضون حديثهم بعد التفكير فيه.

لا أريد أن يخافوا من أي شخص لا يعرفونه. أريدهم أن يستفيدوا من كل شخص يقابلونه ويستمعون لتجاربه. أريدهم أن يكونوا واثقين في أنفسهم لا يسهل خداعهم، لكنهم ودودون بما فيه الكفاية لتبادل الحديث. فأنت لا تعلم بالتأكيد ما الذي يمكن أن يقدمه غريب لعالمك الصغير.