في السطور القادمة سأوضح بعض النقاط التي تخص موضوع وجود الإله من عدمه ومواقف من الأديان، وكل فقرة تتبعها سؤال أريد منكم الإجابة عن هذه الأسئلة بعد قراءة الموضوع كاملاً.
(1)
الإيمان .. اللاأدرية .. الإلحاد
إذا قمنا باستعراض هذه المذاهب الثلاث فيما يخص وجود الإله من عدمه، فسنجد أن كل مؤيدي هذه المذاهب موافق على أن الحقيقة مجهولة والعقل البشري قاصر على الوصول إلى الحقيقة المطلقة، ومع ذلك فإن المؤمن يميل أكثر إلى فرضية وجود الإله ويصدق ديناً من الأديان يجده أكثر منطقية لسبب من الأسباب، ربما وجد نفسه معتنقاً له بالوراثة، أو ربما فعلاً يجد تفسيره هو الأكثر واقعية، لكن هذا المؤمن لا يمكن له بأي حال من الأحوال أن يبرهن على صحة معتقده بأي طريقة، في الطرف الآخر فإن الملحد يميل إلى عدم وجود إله أيضاً لسبب خاص به، ربما يجد جميع الأديان غير منطقية أو لا تستهويه أو لسبب ما خاص به، لكن هذا الملحد هو الآخر لا يستطيع بأي طريقة أن ينفي وجود الإله فعلاً، ولذلك فإن كلاً من الملحد والمؤمن متفق ع أنه ليس هناك دليل أو برهان صريح وواضح على صحة معتقدهما، بغض النظر عن قوة إيمانهم/عدم إيمانهم الشخصي، هذا لا يترك لنا إلا الطرف الثالث وهو اللاأدرية وهو أن الشخص يعلم تماماً أنه لا يستطيع التوصل إلى الحقيقة ولذلك هو يرضى بذلك ويعيش حياته بطريقة طبيعية إما بمحاولة الاستمرار في البحث عن ما قد يعتقد بصحته في يوم من الأيام، بأن يتحول إلى ملحد أو مؤمن، وإما بالاستسلام لحقيقة أنه لا يمكن الوصول للحقيقة ويتوقف عن البحث عنها.
هل الحقيقة شيء ممكن الوصول إليه؟ إن لم تكن كذلك فما الذي قد يدفعني للانحياز لأحد الطرفيين ولا أبقى لا أدرياً محايداً فقط؟
(2)
رهان باسكال
إن كان وجود إله من عدمه شيء لا يمكن معرفته ببساطة (unknowable) فإن الشخص قد يلجأ لأحد سبيلين، الأول أن يظل مؤمناً على أية حال فهو فالنهاية لن يخسر شيء، سواء كان هناك إله أو لم يوجد فهو مؤمن على أية حال، وهذا ما يعرف برهان باسكال، ولكن هذا الرهان واهي جداً من عدة نواحي، مبدأياً، هناك أكثر من إله يؤمن بهم الناس في العالم، فأي الآلهة سأراهن عليه؟ ربما أراهن على إله المسلميين، ثم نكتشف في النهاية أن هناك إله آخر هو الصحيح، وبذلك فأنت ذاهب إلى جحيم هذا الإله لأنك لم تؤمن به، الأمر الثاني أن هذا الإيمان سيكون إيمان شكلي فقط وليس يقين قلبي أو باقتناع، ولذلك فأنت هنا فقط تحاول خداع الإله، وربما بسبب ذلك سيكون مصيرك للجحيم أيضاً لأنك تخدع هذا الإله فقط ولا تؤمن به.
هل سيقبل الإله الذي راهنت عليه وصادف أن كان هو الإله الصحيح هذا الإيمان المخادع الذي كان فقط من باب الاحتياط وليس من باب اليقين والاستسلام؟
(2.5)
للمسلمين بشكل خاص
هناك نوع من اللا أدرية يسمى اللاأدرية الإيمانية (Agnostic Theism) وهو أن يكون الشخص مؤمناً بوجود بالله ولكن بدون يقين قلبي، أي أنه مؤمن ولكن في نفس الوقت لا يعتقد بأن هناك دليل على صحة معتقده، لا سبيل له لمعرفة ذلك، ولكن على أية حال هو مؤمن.
هل أعمال الشخص مقبولة في هذه الحالة؟ماذا إن كنت غير قادر على الاقتناع بالدين ولكن مع ذلك أواجه صعوبة في تركه؟ هل صلاتي مقبولة بالرغم من أنني مؤمن فقط بناءاً على رهان باسكال وليس عن اقتناع ولا عن يقين في القلب؟
(3)
رهان الملحد
السبيل الآخر الذي قد يلجأ له الشخص هرباً من رهان باسكال، هو أن لا يعتقد الشخص بوجود إله، ولكن يعيش حياته بطريقة طبيعية وجيدة، وأن يحاول التعامل مع الناس بالأخلاق وأن يكون صالحاً وأن يلجأ دائماً للخير بدلا من الشر، فإن كان هناك إله فإن هذا الإله سيكون رحيم وبذلك لن يعاقب هذا الشخص لأنه عاش حياة طيبة، وإن لم يكن هناك إله فإن هذا الشخص لم يخسر شيئاً بل ترك أثراً جيداً في العالم. أي بدلاً من أن تخدع الله وتزيف إيمانك به، فإنك تستطيع أن لا تؤمن بإله وتعيش حياة طيبة وفي النهاية سيتفهم الإله موقفك إن كان موجوداً.
هل رهان الملحد أكثر منطقية؟
(4)
خطوة للوراء
تخيل معي إن كنت مؤمناً مسيحياً أنك بدلاً من أن تولد لأسرة مسيحية في بلد مسيحي ولدت في بلد عربي لأسرة مسلمة ونشأت على الاقتناع بالإسلام، أو تخيل كمسلم لو ولدت في الصين مثلاً لأسرة بعيدة عن الدين ونشأت على كره الدين وكانت صورة الإسلام بالنسبة لك هي الإرهاب. هل تعتقد أنك اخترت اعتقاداتك في أي من هذه الحالات؟ هل هو سهل بالنسبة للشخص المسلم أن يقتنع بالمسيحية التي نشأ معتقداً أنها على خطأ، هل هو سهل بالنسبة للملحد أن يقتنع بالإسلام الذي تكون صورته في عقله بأنه لا يمكن أن يكون هو الدين الصحيح، هل اختار المسلم هذا أو اختار الملحد ذلك؟ ربما لو نشأت في بيئة مختلفة لكانت معتقداتك مختلفة تماماً وحينها كنت ستعتقد أن المسلمون فقط هم من يدخلون الجنة أو أن الأديان كلها مجرد هراء في حالة الملحد.
هل الإنسان مخير في ما يعتقد؟ أليست الموروثات هي من تتحكم في عقل المؤمن أو الملحد؟ أليس من الصعب جداً بالنسبة لملحد أن يقتنع أحد الأديان ومن العسير بالنسبة لمؤمن أن يترك دينه؟
في النهاية ..
أين الحقيقة؟ وكيف يمكن الوصول إليها؟
التعليقات