‏أحدهم روج معلومة على اساس انها علمية قائلا ان الندم يضعف المناعة.

كان الجواب العكس هو مصل لتقوية المناعة الروحية والقلبية ، فمن لا يندم على ذنبه مات قلبه ، وتجردت منه الروح ، صحيح أن الذنب له تأثير بيلوجي لأن المعصية تضعف شافيات الجسد القلب والروح لكن التوبة منها تستعيد حيويته بشكل كامل، والتوبة ندم ولا يمكن أن تصبح توبة بهذا المعنى إلا به ، والندم دليل شفاء.

الفكر المادي يرى في الندم من المعصية مرض نفسي يجب معالجته، والقرآن والسنة يؤكدان أن غياب الندم بعد ارتكاب المعصية مرض خطر ودليل على موت القلب وتحجره وقسوته ، إنه عزل للروح من تأدية وظيفة السمو والتعالي عن المعصية والتوحل النفسي والاخلاقي، لهذا يقف ذوي الفكر المادي ضد الندم ويرون فيه علامة على تاثير الفكر الغيبي في وعي الانسان ووجدانه لانه يعمل على تنشيط روحانية الانسان ووصله بهذا الغيب الذي يغذي قيم الايمان والاستقامة والتطهر من الذنوب والمعاصي الناشئة عن ضعف الانسان وأهواءه وشيطانه وضغط واقعه المختل ، ولهذا فإن الضعف فطرة إنسانية وتجاوزها يتمثل في اتباع القرآن وقوفا عند تعاليمه فكل بعد عن ما نهى يقوي الانسان وكل عمل بما أمر يضاعف قوته ، وتجاوز هذه القيم والتوجيهات والتشريعات يؤدي الى الضعف الروحي والنفسي والجسدي ، فإذا كان ذوي الفكر المادي بكل مسمياتهم يرون في الاحساس بالكرامة مسالة غير علمية ومرض نفسي فهم يرون في الندم من كل معصية وذنب وأخلاق فاضلة وكريمة مرض نفسي سببه الايمان بالغيب "الله، الاخرة" وهذه في مفاهيم ذهنية ميتافيزيقة في رؤية الفكر المادي ليس لها أي اساس علمي كما تزعم فلسفاتهم وفلاسفتهم ، إن الحلال والحرام مفاهيم ليست واردة في تفكيرهم والفضيلة هي المادة والمصلحة والمتعة والمشاركة فيها أو الصراع من أجلها ، لهذا مهما اختلفت رؤاهم الفلسفية فإن الدين عدوهم المشترك لأن عقيدته وتصوراته ومبادءه لا تقر بالمنطق العبثي من وجود الكون والانسان والحياة ، وتسعى إلى تحريره من كل عبودية وتصور مختل وعبثي يهدر إنسانيته ويماثله مع الحيوان ويرى في الحياة صدفة تقتضي منه أن يشبع شهواته وغرائزه وحاجاته كيفما اتفق دون حدود وضوابط وأخلاقيات ثابتة الا تلك القوانين المتغيرة التي تجعله حيوانا ماديا وعقلانيا يسن فيها اقوياءه ما يضمن سيطرتهم وهيمنتهم وما يخدم مصالحهم.

ولهذا كان تطهر نبي الله لوط واهله من مرض الفحش الخطير الذي كان ياتيه قوم لوط ونهيانهم عنه مدعاة لاخراجهم من قريتهم، فالتطهر الاخلاقي مرض يناقض ما يعتقد أؤلئك القوم أنه صحة تتطلب حمايتها من خلال جعلها أمرا عاديا مألوفا ومحبوبا لا ينبغي أن يعلن أحدا حساسيته الاخلاقية منه وطرد كل من يقف ضد هذا العمل الدنيء ، ولهذا كانوا يأتون اللواط علنا في ناديهم والنادي مكان يجتمع فيه القوم ، وهذا ما يريده العلمانيون اليوم تجريد المجتمع من عفافه واستقامته وقتل حساسيته الفطرية والأخلاقية وفلسفة انحطاطه باسم الحرية الشخصية والحقوق وكأن الانحراف والرذيلة حقا يجب حمايته ، والفضيلة الحقة نقيض وجب محوه لانه يهدد فضائلهم التي يروجون لها ويزينونها للناس بكل الطرق والوسائل .

إن الفكر المادي لا يريد نفسا لوامة بل نفسا هاتكة تطبق المقولة الاعلانية التجارية :" اروي شهيتك وانطلق "