لطالما راودني هذا السؤال في طفولتي ، لماذا يرتكب الإنسان الأخطاء على الرغم من أنه يعرف أنها سيئة ، وأنا أيضا كانت تخبرني أمي أن الأخطاء ستدخلني جهنم ، لكن بعدها أرتكبها وأسأل نفسي لماذا أفعل هذا ؟ على الرغم من أنني أعرف أن الأمر سيئ ، ولا نندم إلا بعد أن نعاقب .
لماذا نرتكب الأخطاء على الرغم من أننا نعرف أنها سيئة ؟
سؤالك لماذا تفعل هذا؟ هو سؤال حقيقي جداً يدفعنا للتفكر في جزئية مهمة، نحن نرتكب الأخطاء لأنها تُعطينا نشوة لحظية ولا نفكر وقتها في أي عواقب، وفكرة الندم بعد العقاب يدفعنا للتفكر مرة أخرى هل نحن حقاً نندم على تلك الأفعال لأنها أخطاء فعلاً والندم حقيقي، أم أننا نندم خوفاً من الثمن الذي سندفعه لاحقاً، وأننا إذا ضمنا النجاة من العقاب سنعيد تكرار تلك الأخطاء مراراً وتكراراً دون أدنى شعور بالندم؟
أعتقد أن هذا متوقف على طبيعتنا البشرية التي تميل إلى الوقوع في كل ما هو محظور كما في قصة أبانا آدم عليه السلام، ولكن هناك مقولة أحبها كثيراً تقول "إذا حبسوك في غرفة وفرضوا عليك الفضيلة، فليس لك فضل في أخلاقك الفاضلة." فمن وجهة نظري أن كل شخص داخله وحش يُحاول طيلة الوقت ترويضه وهذا الوحش يتغذى على معتقداتك وما تفكر به، فكل شخص عليه أن يفكر جدياً ماذا ستفعل حقاً لو أمنت العقاب؟
الخطأ هو فطرة إنسانية ، وليس من السهل تجنبه ، وتجنب الوقوع في الخطأ ليست فطرة بشرية بل لا بد من تطويرها والتدرب على تجنب بعض الشهوات والملذات ، والوحش الذي ذكرته هو الشيطان إبليس الذي جعله الله اختبارا لكل إنسان لكي يستحق من يذخل الجنة دخولها .
بالضبط وليد الخطأ فطرة إنسانية ولولا الخطأ لما تعلمنا، ولا أدركنا الصواب، وكما قال ألبرت أينشتاين " إنسان بدون أخطاء، ليس إلا إنسان لم يحاول أن يفعل شيئاً" ولكن أنا أتحدث عن جزئية ذكرتها في مُساهمتك وهي " لانندم إلا بعد أن نُعاقب" ، فأنا أتحدث عن ما وراء هذا الندم وهل هو ندم حقيقي فعلاً أم مجرد خوف من العقاب؟
من الواضح أنه مجرد خوف من العقاب بسبب أن الفرد غالبا عندما يندم عندما يعاقب ، يقول ياليتني لم أفعل ذلك ، ليس لأنه يشعر بالذنب ، ولكن لأنه أذرك شدة العقاب ، إلا من رحمه ربي طبعا .
أنت هنا تتحدثين عن أصل الأخلاق وما هو صواب وخطأ. ولكني أتفق مع المدرسة النفعية التي تقول بان كل ما هو مؤلم او يبعث على الألم النفسي او الجسدي هو في عرفنا غير صواب أو خاطئ أو غير أخلاقي. يعني الصديق@walid_lhb كان يفعل أمراً ما ويستلذ بفعله ولكن كانت والدته تعاقبه وتعده بالعقاب و الألم الجسدي فصار هذا الامر غير أخلاقي بالنسبة له وسيئ وخاطئ لا لأنه في ذاته خاطئ بل لأنه يجلب الألم. كذلك بعض المتكلمة ناقشوا فكرة التحريم و التحليل في الإسلام من حيث له علة عقلية أم نقلية فقط. بعضهم قال ان الاخلاقي وغير الأخلاقي و التحريم و التحليل ليس مدراه علة عقلية ولكن مداره النقل فقط. يعني فيما قبلنا كان الرجل يجمع بين الأختين ولا يجد غضاضة أما الآن فينفر منه طبع المسلمين ليس لانه في ذاته مكروه ولكن لان الله حرمه فزواج الأخ من اخته مثلاً ليس غير أخلاقي بعلة عقلية ولكن خطأ وغير أخلاقي لان الله أراد ذلك ويعاقب عليه فنحن إذن لا نكف عن إتيان الفعل الخاطئ إلا لأننا نخشى أن نُعاقب عليه.
التعليقات