برأيي الأمر يعكس ظاهرة بشرية معقدة توضح لنا التركيب البشري واختلاف تصرفه حسب الموقف.

أثناء تصفحنا لإحدى مواقع التواصل الاجتماعي مثلاً، غالباً سيمر علينا شخص يطلب رأي المشاهدين في موضوع من صنعه، أو صانع محتوى جديد يطلب الدعم. في كثير من الأحيان ستجد تفاعلاً إيجابياً حتى لو كانت القيمة الفكرية قليلة، وهو أمر جيد من دافع التشجيع. ولكن الأمر المثير هو عبارات المدح التي تزين الفعل أو العمل وكأنه مثالي. هذا المدح وإن كان يمنح كلا الطرفين شعوراً بالرضى والسعادة، ولكنه سيضر من يتلقاه غالباً، حيث لن يستطيع تقبل النقد بعدها، بل سيعتبره جزءاً من الإهانة، وسيحدث له التجمد الفكري أو التعصب الفكري حيث لن يقبل أي آراء ناقدة وإن كان نقداً بناءً. بما أننا نعلم أننا بمدحنا المبالغ فيه الخالي من الإشارة للأخطاء سنضر ذلك الشخص أكثر من أن نفيده، لماذا نواصل في نفس الفعل؟

لا توجد إجابة واحدة، بل ستختلف الإجابة حسب كل شخص، وربما ستكون إجابة الكثير هي التعاطف، وهي إجابة صحيحة غالباً. ولكن إن أردنا التعمق أكثر بقليل سنجد إجابة أخرى وهي:

عدم القدرة على الرفض.

في هذه الحالة يرى الإنسان أن أي سلوك نقدي وإن كان بناءً هو رفض ونقد لاذع أي هجوم. في هذه المرحلة سيشعر بأن عليه مسؤولية ليست تجاه الشخص المقابل فقط، بل تجاه نفسه، حيث سيغرق في موجة من تأنيب الضمير غير المبررة في غالب الوقت. وهذا راجع لأن الإنسان بطبعه لا يحتمل أي نوع من أنواع الرفض، أي شيء له علاقة بكلمة "لا". رغم أن هذا النقد مفيد وليس رفضاً، ولكننا نقوم بتأويله لأنه جزء من رفضنا لفكرة معينة ومهاجمتها.

أيضاً هناك أسباب كثيرة مثل التبرير بأن مديحه المبالغ فيه هو نوع من التشجيع، بالرغم من أنه نوع من إشباع الغرور لدى الشخص، أو الخوف من رد الفعل القاسي، أو ترك الطرف الآخر له، وغيرها من الأسباب. ولكن عدم القدرة على الرفض عند الإنسان هي السبب الأول غالباً لدى كل شخص."