الإضاءة لا تخلق الجوهر
تم تصميمي لأتدلى من سقف صالةٍ أنيقة. أرى بمنظور عين الصقر كل شيء … دون أن أُلاحظ حتى. مرت السنوات وأنا أوزّع الضوء بعدل، لا أفضّل شيئًا على آخر، فقط أُنير ما هو موجود، كما هو.
أسفل مني، عاشت سجادة عتيقة، نُسجت يدويًا بأنامل ماهرة، مرّت عليها قصص كثيرة، أقدام كثيرة، وذكريات كثيرة. لم تكن تتذمّر. فقط تستمع لصمت الزائرين، وتمتصّ ما يسكبونه فوقها من ضجيج الحياة. وكأي قصة من من نسج خيال الكاتب، عليه أن يضع نقطة لتحول الأحداث… وضعوا في وسط الصالة مكعّبًا ذهبيًا. لا أعلم في ماذا يفكر... لكن سايروه فقط، كان المكعب لامعًا، بلا وظيفة محددة، فقط شكله يسرّ الناظرين.
أعلنوا بأنَّه تحفة فنية حديثة، وصرَّح آخر أنه رمز متفرّد. لكن كل ما كنت أراه يجلس هناك فقط… يأخذ الثناء على حساب نور غيره. جارتي النافذة، العتيقة مثلي، همست لي: "ألم تلاحظ أن الأعين مؤخر لا تلاحظ إلا ما يلمع؟" وأدرك تمام الإدراك، أنَّكم فهمتم المقصود. وتجنبا لقول ما لا يليق، أومأت بنوري، فليس لدي حسنات كثيرة لأفقدها، لكن لاحظت حقا بعض الأثر السلبي، فالسجادة بدأت تُهمل، لا أحد يلقي لها بالا، الكل يلتف حول المكعب، ولا يذهب بالك بعيدا وتتهمني بالكفر، أنا أتحدث عن ذلك التحفة الفنية الحديثة، وكما أخبرتكم لا أريد أن ينفذ رصيد حسناتي، ... ولكن وكلما زاد انبهارهم به، كلما زادت الزوايا التي أضيئها حوله، فقط ليفهموا أنه لا شيء فيه… لكنه ظل في عيونهم أكثر مما هو في حقيقته. حتى جاء يوم، انقطع فيه نوري بمحض الصدفة البحتة… سادت العتمة، فاختفى المكعب. لا ظلّ له. لا وهج. لا شيء. حينها فقط، شعر أحد الحضور بخشونة السجادة تحت قدمه، حينها قال: "لم أنتبه لهذا النسيج من قبل…" لكن لا أحد التفت إلى الأعلى… إلى من كان يضيء الزيف… ويحاول أن يفضحه.
التعليقات