لم أعد أذكر متى تحديدًا بدأت الحكاية... ربما حين قرروا أن يسلّطوا الضوء على كل شيء… إلا ما يستحق.

في البداية، كنتُ أرى نفسي في الظلّ، لا لأنني بلا قيمة، بل لأن مَن حولي كانوا مشغولين بمن يصدر صوتًا أعلى، لا من يحمل صمتًا أعمق. فأنا لا أملك شيئًا أقوله، لكني لم أتعلم طريقة الصراخ لتزداد قوتي، ولم أتعوّد أن ألوّن كلماتي كتغير لون شعر جوكو[1] .

ومع الوقت، أصبح المعيار بسيطًا، من يظهر أكثر، يُذكر أكثر. من يتكلم بلا توقف، يبدو أعلم بالمجال الذي يتحدث عنه حتى ولو لم يكم خبيرًا. ومن يصوّر كل شيء… صار هو الشيء. كنت أراقبهم، كيف يُضيئون وجوههم بعدة فلاتر، كيف يعدّلون نبرة الصوت، كيف يحرصون على ترتيب الخلفية أكثر من ترتيب الفكرة. وحين يسألونني لم لا أفضل الظهور؟ تكون إجابتي وماذا سأقول؟

يضحكون بسخرية، فهم لا ينتظرون مضمونًا. فقط حضورًا، مدهشًا، عابرًا، يُنسى بعد التمرير، ويُصفّق له أثناء البث. لكن هناك شيء داخلي… لم يكن يهدأ. شعور بالاختناق، لا لأنني في الظل، بل لأن الضوء صار بلا دفء، بلا معنى. ضوء بارد، لا يُنضج شيئًا… فقط يُبهر مؤقتًا.

قيل لي ذات مرةً بأنِّي إن لم أظهر، فلن أؤخذ بعين الاعتبار. ولوهلة، راودني شعورٌ غير مألوف… ماذا لو كان محقًا؟ لم أرغب بالإجابة. عدتُ إلى كتابي القديم، إلى دفتر ملاحظاتي، إلى لحظات الصمت التي لا توثقها العدسات.

تساءلت، عم ماهية الجوهر هل يحتاج حقا إلى جمهورًا؟ هل القيمة تنتظر أن تُبثَّ لتثبت وجودها؟ لا أدري.

كل ما أعلمه الآن… أنني لا أظهر، لكنني لا أنطفئ. وأنا لا أشعر بدفء الضوء الذي يرغبون منِّي أن أقف تحته. وأن شيئًا ما… سينكشف ذات يوم. ربما ليس قريبا. وربما لن أكون موجودًا حين يحدث. لكنني واثق… أن الضوء حين يتوقف عن الخداع، ستظهر الملامح الحقيقية.

______________________________________

[1] جوكو: الشخصية الرئيسة لأنمي دراجون بول.