رأينا في الفترة الأخيرة ظاهرة نجاح الأشخاص الذين لا يملكون موهبة حقيقية، بل ربما كان افتقارهم للموهبة هو سبب شهرتهم، ولم تعد الكفاءة هي معيار النجاح، بل ربما صناعة فيديو مثير للسخرية على أي منصة تواصل تجعل من صاحب الفيديو نجم إعلانات تتهافت عليه الشركات ليعلن عن منتجها وتدفع له المبالغ الطائلة مقابل ذلك.

ربما نظن أن هذه المفارقات تخص عصرنا الحالي، لكن نتفاجأ عندما نعرف أن هذه الظواهر لها جذور عميقة في المجتمع..

يحكي لنا العقاد عن الشاعر “ابن هرمة” الذي نال الخلود-وهو أسمى ما يطمح إليه أي إنسان-رغم أن الشاعر يخلو من أي معيار للكفاءة، ويقرر العقاد أن سبب نوال الشاعر هذا الشرف العظيم هو: (هوان قدره)، وحسب فهمنا لطبيعة النجاح "هوان القدر" خليق أن يُعفي على أثر الشاعر فلا يذكره أحد، لكن تم تخليد اسم الشاعر لمدة 13قرناً في كتاب “الأغاني”.

نرى ويرى أطفالنا معنا كذلك أشخاص حالياً حرفتهم هي صناعة التفاهة، هؤلاء الأشخاص يجنون من وراء ما يقدمونه من تفاهة أكثر مما يجني الطبيب والمهندس والمحامي، وفوق ما ينهال عليهم من الأموال-يحققون المكانة والشهرة.

فإذا كان الأمر ضارباً في القدم بهذا الشكل، فكيف يمكننا إقناع أطفالنا أن الكفاءة هي معيار النجاح؟