قال خورخي لويس بورخيس، أحد أعظم كتاب أمريكا اللاتينية: "ما يجعل المرء عظيمًا هو ما يقرأه وليس ما يكتبه."

كلام ثقيل، أليس كذلك؟ لكن فكر فيه قليلًا… قد يكون هناك كاتب بارع بأسلوب ساحر، لكن ماذا لو كان ما يكتبه مجرد إعادة تدوير لأفكار سطحية؟ على العكس، القارئ الجيد هو من يصنع عالَمه الفكري بنفسه، ينهل من الكتب، يلتهم الأفكار، يعيد ترتيبها، ويخرج بنسخة أكثر ذكاءً من نفسه!

لكن المشكلة أن كثيرين يرون القراءة كأنها نوع من الأعمال الشاقة، أو هواية تخص النخبة المثقفة المتأنقة بنظاراتهم السميكة. وهذا ببساطة غير صحيح! القراءة يمكن أن تكون ممتعة، إدمانية، بل وحتى وسيلة للهرب من هذا العالم (حرفيًا ومجازيًا).

إذن، كيف تتحول القراءة من شيء نسمع عنه في خطب التنمية البشرية إلى عادة لا نستطيع العيش بدونها؟ إليك الدليل النهائي لاكتساب عادة القراءة دون أن تشعر أنك تؤدي واجبًا مدرسيًا.

لماذا القراءة؟ لأنها تمنحك قدرات خارقة!

قبل أن ندخل في "الكيف"، دعنا نوضح "لماذا" يجب أن تهتم أصلاً. إليك بعض الأسباب التي ستجعلك تفكر مرتين قبل أن تتجاهل كتابًا آخر:

  1. 1. القراءة تمنحك عقلًا أكثر حدة

القراءة ليست مجرد كلمات تمر على عينيك، بل هي تمرين عقلي يجعلك تربط الأفكار، تلاحظ التفاصيل، وتحلل المواقف. الكتب الجيدة تجعلك ترى ما وراء السطور، وتطرح الأسئلة الصعبة، وتكتشف أن العالم أكثر تعقيدًا مما كنت تظن.

  1. 2. تصبح أكثر إبداعًا دون أن تحاول

هل تريد أن تبدو عبقريًا بلا مجهود؟ اقرأ! القراءة تغذي مخيلتك، تمنحك مفردات جديدة، وتجعلك ترى الروابط بين الأشياء التي تبدو غير مترابطة. ستجد نفسك فجأة تملك أفكارًا لم تخطر لك من قبل، سواء كنت كاتبًا، مصممًا، أو حتى مبرمجًا.

  1. 3. تجعلك تفهم الناس بشكل مرعب

قراءة القصص والروايات لا تمنحك مجرد متعة مؤقتة، بل تجعلك تدخل عقول شخصيات مختلفة، تتعاطف مع أفكارها، وتفهم دوافعها. تدريجيًا، ستجد أنك تقرأ الناس كما تقرأ الكتب، تفهمهم دون أن يتكلموا، وتلاحظ التفاصيل التي يفوتها الآخرون.

  1. 4. تزيد من ثقتك بنفسك دون أن تدرك

عندما تكون لديك معرفة واسعة، تصبح قادرًا على خوض النقاشات بثقة. فجأة، لن تشعر بالضياع في وسط حوار ثقافي، ولن تكتفي بالاستماع صامتًا وأنت تهز رأسك بتظاهر بالذكاء. بل ستجد نفسك تملك رأيًا، ومعلومات تدعمه، وهذا شعور لا يُقدَّر بثمن.

  1. 5. القراءة هي التذكرة المجانية للسفر عبر الزمن والمكان

كتاب جيد يمكنه أن يأخذك إلى القرن التاسع عشر، أو إلى المستقبل، أو حتى إلى أبعاد خيالية لا وجود لها. يمكنك أن تكون في مقهى في باريس مع سارتر، أو على متن مركبة فضائية مع آسيموف، أو في غرفة تحقيق نفسية مع دوستويفسكي. هل هناك شيء أكثر روعة من هذا؟

كيف تكتسب عادة القراءة (دون أن تموت من الملل)؟

  1. 1. لا تبدأ بالكتب التي "يجب" قراءتها، بل اقرأ ما يجذبك حقًا

نسيان القوائم التقليدية لـ "أعظم 100 كتاب يجب أن تقرأها قبل أن تموت" هو خطوة ذكية. بدلًا من ذلك، اسأل نفسك: ما الذي يثير فضولي؟ إذا كنت تحب الجرائم، ابدأ برواية غامضة. إذا كنت تحب الفلسفة، جرب كتبًا تقدمها بأسلوب سلس. لا تستمع لمن يخبرك أن هذا النوع من الكتب "سطحي" أو "غير ناضج"—الأهم أن تبدأ!

  1. 2. اجعل القراءة سهلة المنال

احمل كتابًا معك دائمًا—في حقيبتك، على هاتفك، أو بجانب سريرك. عندما تجد نفسك تفتح الهاتف بلا سبب، بدلًا من التمرير في وسائل التواصل، اقرأ بضع صفحات. هذه العادة الصغيرة قد تتحول إلى إدمان إيجابي.

  1. 3. خصص وقتًا ثابتًا للقراءة

لا تحتاج إلى ساعات طويلة يوميًا، بل 15-30 دقيقة تكفي. اجعلها جزءًا من روتينك اليومي، مثل شرب القهوة صباحًا أو الاسترخاء قبل النوم.

  1. 4. استخدم طريقة "الصفحة الواحدة"

إذا شعرت بالكسل، قل لنفسك: "سأقرأ صفحة واحدة فقط." الغريب أنك غالبًا ستنتهي بقراءة عشر صفحات أو أكثر دون أن تشعر.

  1. 5. استمتع بالكتب، لا تعاملها كواجب مدرسي

ليس عليك إنهاء كل كتاب تبدأه. إذا لم يعجبك كتاب، اتركه وانتقل لآخر. القراءة ليست سباقًا، بل متعة.

  1. 6. جرب مجموعات القراءة والنقاش

إذا كنت ممن يحبون التفاعل الاجتماعي، انضم إلى نادٍ للقراءة أو حتى مجموعة عبر الإنترنت. مناقشة كتاب مع آخرين تجعله أكثر إثارة وتفتح لك زوايا لم تفكر فيها.

  1. 7. دوّن أفكارك واقتباساتك المفضلة

احفظ المقولات التي تلهمك، ودوّن الأفكار التي تثير اهتمامك. ستجد نفسك تعود إليها لاحقًا وكأنها كنز شخصي من الحكمة.

  1. 8. لا تضغط على نفسك

القراءة ليست سباقًا مع الزمن. لا تهتم بعدد الكتب التي تقرأها، بل استمتع بكل لحظة فيها.

الخاتمة: القراءة ليست رفاهية، إنها ضرورة!

في عالم مليء بالتشتيت والمعلومات السطحية، القدرة على القراءة بعمق هي مهارة نادرة لكنها ثمينة. لا تجعل الكتب مجرد ديكور على رفوفك—افتحها، اقرأها، دعها تغيرك.

ولا تنسَ، كل كتاب تقرؤه هو نسخة محسّنة منك. فما الذي تنتظر؟