من سيئات هذا العصر أننا تحولنا من أشخاص تربطهم علاقات اجتماعية وثيقة ويحتاجون إلى بعضهم البعض إلى أشخاص يحاولون الاكتفاء الذاتي في كل شيء، من الماديات إلى المشاعر إلى الأفكار. والأسوأ أن هذا المبدأ يترسخ تدريجيا وبتعمق إلى درجة أن من يعتنقه لا يدرك أن فطرته السوية تحتاج إلى الناس في الحقيقة وأن فيهم شفائه من مشكلاته المستعصية. على الأقل في "المقربين".

لكن حتى المقربين نحاول إبعادهم عن الصورة، فما عدنا الأشخاص الذين يتجمعون على مائدة العشاء للأكل أو لمشاهدة برنامج ما لأن الهاتف يغنينا. من بعد أن كانت "الدنيا من غير ناس ماتنداس" ما عدنا نهتم لنصح الغير أو تعديله أو مساعدته إن احتاج.. المهم أننا بخير نأكل ونشرب ولدينا ما يكفينا من باقة الإنترنت لآخر الشهر ونتقاضي مرتبنا من العمل.

وهكذا.. كلٌ يغني على ليلاه، أعني كلٌ في صومعته الهشّة الكئيبة.

لا ما قصدت ذم الزمان، فالعيب فينا، فحتى أنا أيضا أمارس الفردية أحيانًا متعمدةً. لماذا؟ لأن من حولي يمارسونه. لا أجد الناس تهتم لأمري فأقرر ألا أهتم بأمر من لا يهتم لأمري.

فمن أين أتى مبدأ الفردية أو الفردانية المستحدث هذا برأيكم؟