ترعبك فكرة الخروج من دائرة المؤلوف -إنه لواضح في عينيك التي تدور في رأسك- كلما بدأت أفكار التفسخ تتسرب إليك بدأت بالتعرق كما لو أنك ترتكب جرماً شنيعاً، تبدأ بالنظر عن يمينك و شمالك خوفا من أن يفطن بك أحد فتكشف نواياك الدفينة... يصيبك الذعر كأنك مقدم على ارتكاب "المعصية الكبرى" .

ما الذي يخيفك بالذات ؟ سقوط تلك الصورة النمطية عندك ؟ أهذا ما يخيفك أم أنك تخشى البقاء في العراء ؟ تخشى أن تبيث دون معتقد، دون انتماء، دون دين تَشُد و تَسْند وجودك إليه... تخشى أن يصبح وجودا مفصليا لا معنى له ؟ 

حتى في حالتك هذه، لن تكف الشكوك عن التوغل إليك... ففي الاخير ستقرع الشكوك طبل أدنيك فتكسر صمتك الرهيب بصخب مصحوب بلهيب: أي فعل أقدمت عليه يا هذا ؟ تفسخت من كل شي يجعل منك "أنت" مبارك لك يا مغفل! 

لا شيء يعجبك، لا أنت الذي كنت عليه ولا أنت الذي أنت الآن عليه... إنك ببساطة تبحث عن شيء غير موجود؛ عن آنا غير موجود و عن نسخة منك لا تحدد لها معايير... إنك وببساطة لا تعرف ماذا تريد ! 

تريد الهروب من كل شيء ثم تدرك أن الهرب لا يجدي نفعا؛ فأنت في حد ذاتك تمثل الأشياء الذي تريد الهرب منها و هل ينجو المرء بالهرب من ذاته ؟ 

لا شيء يعجبك، تسافر و أثناء السفر تعتصرك أفكار العودة، تبدأ بقراءة كتابك المفضل ثم تتسرب إليك الرغبة في النوم لتهدأ أفكار المتوحشة... تلجأ للنوم ثم تشعر أنك غارق، مرهق و عديم الفائدة. لا شيء يجدي معك نفعا كل شيء تقترب منه يفتح في وجهك أبواب الجحيم السبعة... من أنت و ماذا تريد بالذات ؟ 

لا شيء يعجبك، لا شيء يستهويك، كأنك كومة متنقلة من لا شيء، كل شيء هو أنت و في الآن ذاته لا شيء يحدد لك معنى و لا هوية. إنك مريء ولكن نواياك أكثر الاشياء إظلاماً على الإطلاق... 

من أنت ؟ و ما الذي يشدني إليك؟ و كيف لا أشد إليك و أنت صورة مماثلة لي... كيف لا أشد إليك و أنت "أنا" !