لا بد وأن يتعلم الأطفال قول الحقيقة بالطبع، ولكن في بعض المواقف قد يتحول قول الحقيقة من جانبهم لمشكلة أكبر كإيذاء مشاعر الآخرين أو الوقاحة في حقهم، وهم في ظنهم أنهم فقط يقولون الحقيقة، أعتقد أننا مررنا بمواقف كثيرة مشابهة شعرنا نحن الكبار بالحرج نيابة عن أطفالنا بسبب هذا، فلنتخيل مثلًا أنه أثناء حديثنا مع شخص ما، يأتي طفل ويقول له "أنت سمين". وهو في ظنه أنه فقط يقول الحقيقة كما علمناه. فكيف نعلمهم التفرقة بين الأمرين بما يناسب عقلهم؟
كيف نعلم طفل الفصل بين قول الحقيقة ومراعاة مشاعر الآخرين؟
يتعلم الأطفال القيم والمبادئ بسياقها, وليس عن طريق التليقين المسبق لما يليق وما لا يليق اجتماعيا, نحن نوجه الطفل بعد المرور بالموقف.
فكيف للطفل أن يدرك أن وصف شخص ما بأنه سمين هو أمر لا يليق, في حين أن وصف شخص آخر بأنه طويل كلام يليق؟ هذا يتطلب أن يكون للطفل مخزون معرفي قبلي لماهية السمنة وأسبابها والفرق بينها وبين بقية الخصائص الجسدية ولماذا تعتبر أمرا سلبيا بالمجتمع, كي يستطيع الحكم ما إذا كان تعليق مثل : أنت سمين يختلف تماما عن تعليق أنت طويل.
ومن باب أولى أن لا يشعر البالغون بالأذى من كلام الأطفال أو الانزعاج منهم لأننا جميعا كنا أطفالا وهذه هي سنة الحياة, يجب أن نتقبل الوقوع في مواقف محرجة بسبب الأطفال, مثلما نتقبل صراخهم وإتلافهم للأغراض وبقية المنغصات...
أنت محق تمامًا في أن الأطفال يتعلمون من خلال التجربة والسياق، وأن توجيههم بعد مرورهم بالمواقف يكون أكثر فعالية من التلقين المسبق. فهم الفروق بين المفاهيم وكيفية تأثير كلماتهم على الآخرين يحتاج إلى مخزون معرفي وتوجيه دقيق.
من المهم أيضًا أن نعلم المجتمع بشكل عام أن الأطفال يتعلمون من خلال الأخطاء وأنه يجب أن نكون أكثر تفهمًا وتعاطفًا مع هذه الأخطاء. الأطفال في طور التعلم والنمو، وتعزيز بيئة تعليمية إيجابية ومشجعة يسهم في بناء شخصياتهم وتطوير قيمهم
الأطفال يتعلمون من خلال الأخطاء، ولكن ليس بتكرارها، أعني إذا حدث موقف كالذي وضع في المساهمة وقال الطفل لأحد الأشخاص أنت سمين، وأخبرته أنه أخطأ ولا يجب عليه قول هذا، سيأتي موقف آخر ويقول لشخص آخر أنت قصير جدا، وسأقول له هذا خطأ لا تقول ذلك، ثم سيأتي موقف ثالث ورابع وعاشر، أيجب علينا أن ننتظر مروره بكل المواقف وكل الأخطاء حتى يدركها في النهاية!! بالطبع لا، لا بد من وجود معايير استباقية تعلمه كيف يفرق بين الأمرين بحيث لو أخطأ أول مرة لا يكرر خطأؤه باختلاف الموقف.
هذا يتطلب أن يكون للطفل مخزون معرفي قبلي لماهية السمنة وأسبابها والفرق بينها وبين بقية الخصائص الجسدية ولماذا تعتبر أمرا سلبيا بالمجتمع, كي يستطيع الحكم ما إذا كان تعليق مثل : أنت سمين يختلف تماما عن تعليق أنت طويل.
ليس عليه أن يدرك كل هذا! عندما تريد جعل طفلك يصوم أو يبدأ في التعود على هذا أتشرح له أهمية الصيام وتأثيره داخليا على الجسم وأنواعه وعواقب تركه دينيا أو جزاء الالتزام به! هل تحشو عقله بكل هذه المعلومات مرة واحدة أم تكفي بإخباره أن عليه الصوم لكي يحبه الله ويرضى عنه؟ كلنا كأطفال قيلت لنا هذه الجملة وأردنا أن نكون كالكبار فبدأنا بالتعود بهذه الطريقة وكلما كبرنا تعلمنا أكثر فأصبح منا من يصوم حتى في غير الأوقات المحددة لذلك رغبا في فوائد أخرى، القصد أن الأطفال يمكن أن يتعلموا أي شيء إذا قدمنا لهم الأسلوب والطريقة المناسبة لعمرهم، الطفل إذا أخبرته أنه لا يجوز أن يعطي أي تعليقات خاصة بالشكل مع طرح الأمثلة واكتفيت باخباره أن هذا سيزعج غيره سيطبق ذلك وإن لم يفهم المغزى وراءه وهذا أفضل من لا شيء، وهناك أطفالا يكونوا أكثر وعيا مقارنة بأقرنائهم وستجد لديهم القدرة على استيعاب وتفهم الأسباب.
سلوك الأطفال وقدراتهم على الاستيعاب والالتزام تختلف باختلاف أعمارهم, الأطفال الذين يتفوهون بتعليقات محرجة هم بسن صغير جدا لا يميزون فيه الصواب من الخطأ, حتى لو أخبرتهم أنه لا يجب محادثة الغرباء بالشارع وإلا تعرضوا للاختطاف والأذى, ستجدينهم رفقة الغرباء يتبادلون أطراف الحديث, هم بحاجة لإخبارهم كل مرة أن يغسلوا أيديهم قبل الأكل....أنت لا تخبرينهم بما عليهم فعله مرة واحدة فقط وتتركينهم بعد ذلك ملتزمين بما أخبرتهم به من تلقاء أنفسهم وإلا فهم ليسوا بأطفال بل راشدين, هم بحاجة لمراقبة طوال اليوم, فكيف يمكن توقع أن يلتزموا بعدم التفوه بأي تساؤلات تدور في أذهانهم حول البشر من حولهم؟ لن يستوعبوا طلبك!
نحن نتحدث عن أطفال في مرحلة التعلم، إذا كانوا قادرين على تعلم أساسيات الكتابة والقراءة والحساب واللغات الأجنبية أسيكون من الصعب عليهم تعلميهم كيف يتصرفون في بعض المواقف؟ الأمر ليس بهذه الصعوبة هو بحاجة لإيجاد وسيلة مناسب لعمر وعقل الطفل ولا بأس من التكرار، من منا كبالغين لا ينسى ويقع في نفس الخطأ ويحتاج لتذكيره من قبل أشخاص آخرون!
التعليقات