كلنا سمعنا بالطبع عن إدمان السلوكيات كإدمان مواقع التواصل الاجتماعي أو التدخين وغيرهما، ولكن ربما لا ينتبه الجميع لأن إدمان السلوك هو نتيجة لفقدان شعور أو احتياج نفسي ما، يعوضه المدمن بسلوكه الإدماني، ولهذا ربما الأدق أن نطلق عليه إدمان المشاعر، فكيف برأيكم يمكن للشخص أن يتخلص من احتياجه الدائم لشعور ما؟
كيف يتخلص الإنسان من إحتياجه الدائم لمشاعر معينة؟
قديماً، كانت الإجابة على هذا السؤال بسيطة نسبياً. كان الناس يعيشون حياة أكثر هدوءاً وتوازناً، وكان بمقدورهم التعامل مع احتياجاتهم النفسية بسهولة أكبر. أما الآن، فنحن محاطون بكل ما يثير مشاعرنا ويوجهها، لدرجة أن حياتنا اليومية أصبحت مليئة بالعوامل التي تسبب إدمان المشاعر. حتى الموسيقى، التي كانت تلامس أرواحنا بعفوية، أصبحت تعتمد على ترددات محددة تغذي مناطق السعادة في الدماغ وتؤدي إلى الإدمان. هذه الظاهرة ليست مقتصرة على الترفيه أو الإعلام، بل تتعداها إلى أغلب جوانب حياتنا المعاصرة.
إدمان السلوكيات، مثل إدمان مواقع التواصل الاجتماعي أو التدخين، هو في جوهره إدمان للمشاعر. يبحث الشخص المدمن عن تعويض نقص ما في حياته العاطفية أو النفسية من خلال تلك السلوكيات، ويصبح من الصعب عليه التوقف عنها لأنه يشعر بالراحة المؤقتة التي توفرها له هذه السلوكيات.
إجابة هذا السؤال الآن أصبحت أكثر تعقيدًا، فنحن بحاجة إلى أن نتفهم أولاً كيف نشأ هذا الاحتياج إلى المشاعر، وكيف يمكن أن نتخلص من إدمانه. من وجهة نظري، ربما يبدأ الأمر بفهم عميق لاحتياجاتنا النفسية، والبحث عن طرق صحية لتلبية تلك الاحتياجات بعيداً عن المثيرات الخارجية التي تضرنا.
قديماً، كانت الإجابة على هذا السؤال بسيطة نسبياً. كان الناس يعيشون حياة أكثر هدوءاً وتوازناً، وكان بمقدورهم التعامل مع احتياجاتهم النفسية بسهولة أكبر. أما الآن، فنحن محاطون بكل ما يثير مشاعرنا
ريما في السابق كانت احتياجاتنا أقل بالفعل لأن متطلبات العصر وقتها كانت أقل وأكثر بساطة من الآن، ولكن الواقع الآن ملئ بالكثير من الفوضى التي رفعت من سقف التوقعات ووضعت معايير مثالية وهمية لكل شيء حتى للشكل الخارجي، فأصبح الإنسان في حالة ضغط دائم لتلبية هذه المعايير سعيا للتواجد والمنافسة داخل هذا العالم، ولا شك أن كل هذا يأتي بمشاعر سلبية كثيرة ويحتاج في المقابل لمشاعر إيجابية أخرى تحارب هذه المشاعر السلبية، فمثلا مشاعر القلق الناتجة عن الخوف من الفشل تحتاج في المقابل لطمأنة وتوكيدات خارجية بالنجاح لتزيح مشاعر القلق وتحل محلها مشاعر الراحة والأمل.
التعليقات