يتحدث أشخاص لساعات طوال، ننصت لهم ونحن مستمتعين، بينما آخرون لا نطيق سماعهم لدقائق فما هو السر في ذلك؟
هل هي موهبة ام علم يكتسب؟
و هل لديك تجربة شبيهة بذلك أنتقلت فيها من ثاني إلى الأول كم ذكرت؟
شراكنا إياها
أستطيع أن أقول لك سرّ الخلطة التي لا يمكن أن تفشل نهائياً، على الراوي دائماً أن يحتفظ بهاتين العاملين معه في أي قصة يبنيها ويحاول تركيبها، العامل الأول طبعاً أن يُركّز دائماً على الصراع وهذا الصراع يجب أن يكون واضحاً، صراع بين إنسان وإنسان، صراع بين إنسان وشيء، صراع بين إنسان وظرف، صراع بين إنسان وفكرة ..إلخ، المُهم أن تكون فكرة هذا الصراع موجودة وواضحة، فالمعنى كله سيُبنى عليها، وطبعاً مع الحفاظ على تفاصيل دقيقة تجعل من مشاهد مراقب لسياق الأحداث وغير مُتوقِّع لها، وثاني الأمور طبعاً وهذا الذي يغفله الكثير من الكُتاب والرواة هو أن تبني شخصية معقّدة، أن تبني شخصية مركّبة، شخصية حتى لو كنّا نراها كل يوم، يعني لو كانت موظف في دائرة حكومية، يجب أن تحوي على جوانب فيها غرابة، فيها تحدّي، فيها عامل يجعلها تتفاعل مع القصّة وتدفع الأحداث للأمام، الغرابة تربح دائماً في الحكاية، والغرابة بنت الشخصية باعتقادي.
الأول طبعاً أن يُركّز دائماً على الصراع، وثاني الأمور هو أن تبني شخصية معقّدة
جميل، هل لك ان تشركنا مثال واقعي بحكم خبرتك؟
مثلاً ما السرّ الذي جعل فيلم كالجوكر بحكاية بسيطة جداً أن يحقق نتائج مهولة بنسب المشاهدة والاستمتاع؟ الأمر يعود إلى هذين الأمرين بالضبط، فالفيلم وخاصّة الذي مثّله الممثل الرائع خواكين فينيكس هو فيلم يستعرض الأمرين بكل قوّة، فحبكة صراعه أعلى من المُعتاد رؤيته، هناك صراعات متشابكة كثيرة مع ذات الشخص، هذه الصراعات هدفها أن تهدم الشخصية، صراع الجوكر مع العائلة، صراعه مع المجتمع والمحيط، مع وسائل الإعلام ورأي الناس، مع مرضه أيضاً، والأهم مع الحياة، حيث يقرر في نهاية الفيلم مغزى الحياة بشكل تراجيدي بحت حين قال: life is nothing but a comedy، الحياة ليست إلا كوميديا.
وفي الشقّ الثاني وبعيداً عن الصراع هناك طبقات الشخصية وتركيبها، هذا التركيب الذي يجعلك تضطّر للحظات أن تتعاطف مع حياة قاتل متسلسل!
التعليقات