لا تقطعنَّ ندى المعروف عن أحدٍ~
ما دُمتَ تقدرُ فالأيامُ تاراتُ
واذكرْ لطائف صُنعِ الله إذ جَعلت~
إليكَ لا لكَ عند الناس حَاجاتُ
أبيات جميلة، ذكرتني بأبيات
إذا كنت لا ترجى لدفع ملمّة ... ولم يك في المعروف عندك مطمع
ولا أنت ممن يستعان بجاهه ... ولا أنت يوم الحشر ممن يشفع
فعيشك في الدنيا وموتك واحد ... وعود خلال من وصالك أنفع
أبيات أعجبتني :
وإنا سوف تدركنا المنايا
مقدرة لنا ومقدرينا
قفي نسألك ياظعينا
نخبرك اليقين وتخبرينا
قفي نسألك هل أحدثتِ صرمًا
لوشك البن أم خنت الأمينا.
قالها عمرو بن كلثوم في معلقته
أبيات من التائية المعجبة لكُـثَـيِّر بن عبد الرحمن المعروف بـ«كثير عزَّة»:
تائية ڪُثَيِّر عـزّة
خليليّ هذا رسم عزة فٱعقلا **قلوصيكما ثم ٱنظرا حيث حلت
ومُسّا تراباً كَانَ قَدْ مَسَّ جِلدها ** وبِيتاً وَظِلاَّ حَيْثُ باتتْ وظلّتِ
ولا تيأسا أنْ يَمْحُوَ الله عنكُما ** ذنوباً إذا صَلَّيْتما حَيْثُ صَلّتِ
وما كُنْتُ أَدْرِي قَبْلَ عَزَّةَ ما البُكَا ** ولا مُوجِعاتِ القلب حَتَّى تَوَلَّتِ
فقد حلفت جهداً بما نحرت له ** قريشٌ غداة المأزمين وصلّت
أناديك ما حجّ الـحجيج وكبّرت ** بفيفا غزالٍ رفقةٌ وأهلّت
وكانت لقطع الحبل بيني وبينها ** ڪناذرةٍ نذراً فأوفت وحلّت
فقلت لها يا عزّ كل مصيبةٍ ** إذا وُطِّنَت يوماً لها النفس ذلّت
ولم يلق إنسانٌ من الحب ميعةً ** تعــمّ ولا غمّاء إلا تجّلت
كأني أنادي صخرة حين أعرضت ** من الصم لو تمشي بها العصم زلت
صفوحاً فما تلقاك إلا بخيلة ** فمن مل منها ذلك الوصل ملت
أباحت حمىً لم يرعه الناس قبلها ** وحلّت تلاعاً لم تكن قبل حلّت
فليت قلوصي عند عزة قيّدت ** بحبل ضعيفٍ عزّ منها فضلت
وغودر في الحي المقيمين رحلها ** وكان لها باغٍ سواي فبلّت
وكنت كذي رجلين رجلٍ صحيحةٍ ** ورجلٍ رمى فيها الزمان فشلّت
وكنت كذات الظّلع لما تحاملت ** على ظلعها بعد العِثار استقلت
أريد الثواء عندها وأظنها ** إذا ما أطلنا عندها المكث ملّت
فما أنصفت أما النساء فبغّضت ** إليّ وأمّا بالنوال فضنّت
يكلفها الغيران شتمي وما بها ** هواني ولكن للمليك استذلّت
هنيئاً مريئاً غير داء مخامرٍ ** لعزة من أعراضنا ما استحلّت
فو الله ما قاربت إلا تباعدت ** بصرمٍ ولا أكثرت إلا أقلّت
فإن تكن العتبى فأهلاً ومرحباً ** وحقت لها العتبى لدينا وقلّت
وإن تكن الأخرى فإن وراءنا ** منادح لو سارت بها العيس كلّت
خليليّ إن الحاجبية طلّحت ** قلوصيكما وناقتي قد أكلّت
فلا يبعدن وصلٌ لعزة أصبحت ** بعاقبةٍ أسبابه قد تولّت
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ** لدينا ولا مقلية إن تقلّت
ولكن أنيلي واذكري من مودةً ** لنا خلةً كانت لديكم فطلّت
فإني وإن صدّت لمثنٍ وصادقٌ ** عليها بما كانت إلينا أزلّت
فما أنا بالداعي لعزّة بالجوى ** ولا شامت إن نعل عزّة زلّت
فلا يحسب الواشون أن صبابتي ** بعزة كانت غمرةً فتجلّت
فأصبحت قد أبللت من دنفٍ بها ** كما أدنفت هيماء ثم استبلّت
فوالله ثم الله ما حلّ قبلها ** ولا بعدها من خلّةٍ حيث حلّت
وما مرّ من يومٍ علي كيومها ** وإن عظمت أيام أخرى وجلّت
وأضحت بأعلى شاهقٍ من فؤاده ** فلا القلب يسلاها ولا العين ملّت
فيا عجباً للقلب كيف اعترافه ** وللنفس لما وطّنت كيف ذلّت
وإني وتهيامي بعزة بعدما ** تخلَّـيْتُ مما بيننا وتخلّت
لڪالمرتجي ظلّ الغمامة ڪلما ** تبوّأ منها للمقيل اضمحلّت
كأني وإياها سحابةُ ممحل ** رجاها فلما جاوزته استهلت
فإن سأل الواشون فيم هجرتها ** فقل نفس حرٍّ سَلِيَتْ فتسلّت
_____________________________________________________
«خليلىّ هذا ربع عزّة فٱعقلا ** قلوصيكما ثمّ ٱبكيا حيث حلّت
وما كنت أدرى قبل عزّة ما البكا ** ولا موجعات الحزن حتّى تولّت
وكانت لقطع الحبل بيني وبينها ** ڪناذرة نذرا وفت فأحلّت
فقلت لها: يا عزّ كلّ مصيبة ** إذا وطّنت يوما لها النّفس ذلّت
ولم يلق إنسان من الحبّ ميعة ** تعمّ، ولا عمياء إلّا تجلّت
كأني أنادي صخرة حين أعرضت ** من الصّمّ لو تمشي بها العيس زلّت
صفوحا فما تلقاك إلا بخيلة ** فمن ملّ منها ذلك الوصل ملّت
أباحت حمى لم يرعه النّاس قبلها ** وحلّت تلاعا لم تكن قبل حلّت
أريد الثّواء عندها وأظنّها ** إذا ما أطلنا عندها المكث ملّت
يكلّفها الغيران شتمس وما بها ** هواني ولكن للمليك استذلّت
هنيئا مريئا غير داء مخامر ** لعزّة من أعراضنا ما ٱستحلّت
فإن تكن العتبى فأهلا ومرحبا ** وحقّت لها العتبى لدينا وقلّت
وإن تكن الأخرى فإنّ وراءنا ** مناويح لو سارت بها الرّئم كلّت
أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ** لدينا، ولا مقليّة إن تقلّت
ووالله ما قاربت إلّا تباعدت ** بصرم، ولا استكثرت إلّا أقلّت
ووالله ثمّ الله ما حلّ قبلها ** ولا بعدها من خلّة حيث حلّت
وما مرّ من يوم عليّ كيومها ** وإن كثرت أيّام أخرى وجلّت
فوا عجبا للقلب كيف اعترافه ** وللنّفس لمّا وطّنت كيف ذلّت
وإنّي وتهيامي بعزّة بعدما ** تخلّيت ممّا بيننا وتخلّت
لڪالمرتجى ظلّ الغمامة كلّما ** تبوأ منها للمقيل ٱضمحلّت» اهـ.
[«الشعر والشعراء» لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة الدينوري (المتوفى: 276هـ)، (1/505-507)]
التعليقات