قرأت في كتاب عن اللغة العربية موضوعاً يحكي عن إعتقادات الكاتب ومن قبله من علماء اللغة بأن اللغة العربية إما إصطلاحية بمعنى أن البشر من وضعوا مصطلحاتها وحروفها وكلماتها أو إلهامية بمعنى أن الله تعالى ألهمنا إياها ، فتملكتني الحيرة! فأنا لم أفكر بذلك قط :D ولم أستطع الاجابة على هذا السؤال، فماهو رأيك أنت؟ وبماذا تعتقد؟.
هل تعتقد أن اللغة العربية إصطلاحية أم إلهامية؟
شخصياً أعتقد غير شاكةٍ أن العربية ككل اللغات اتفاقية/اصطلاحية. وأرى أن الاعتقاد بأن العربية إلهامية/توقيفية/منزلة من الله سبحانه وتعالى اعتقاد أضر بالعربية وما زال يضر بها ضرراً شديداً
الاعتقاد دون شك يجب ان يكون بدليل والا فهو تعصب اخر يشبه التعصب الذي تنقدينه لمن يعتقد ان اللغة الهامية .
طبعا من يقول مثلي انها الهامية يقول ان قلبها قلب اللغة core الهامي وكل الزيادات الحاصلة الان هي نتيجة تطوير طبيعية وتاريخية وما اليها .
الاعتقاد غير مبرر علميا الذي تؤمنين به دون شك يجب ان يكون بدليل . قلب اللغة او اساسياتها الاولى كيف تم الاتفاق عليها . علميا هو امر مستحيل لا يمكن الاتفاق على شيء من العدم ، دون اساس ولو وجد الاساس فهو المنصة او الارضية او القلب core الي بنيت عليه اللغات ومن ثم تطورت . وهو ما نتحدث عنه هنا .
اللغة العربية كما يقول الازهر ( والعديد من علماء المسلمين ) بذاتها غير مقدسة كلغة ، نص القرآن هو المقدّس لغة وكتابةً (*) ومحتوى ومضموناً واختلف في السُنة . ( لانها فيها المروي باللفظ والمروي بالمعنى ) .
(*) مقدس كتابة بالدليل التالي . لانه في الكتابة الأولى والمعتمدة للمصحف والتي قام بها سيدنا ابوبكر رضي الله عنه واتمها بعده سيدنا عمر وسيدنا عثمان رضوان الله عليهما كانت الاية يجب ان تكون مكتوبةً وان يشهد عليها صحابيان . بالتالي وفي كل الكتابات وفي المصحف العثماني كتبت بعض الالفاظ ب' صلوة ' وفي غيرها بصلاة وفي اماكن جمعها وتصريفها صحيح فالدليل ان الصحابة لم يخطئوا قط في كتابتها والنتيجة ان كتابتها توقيفية( اي الهامية اتية من عند الله كما هي ) . والسؤال المهم للذين يقولون ان اللغة اصطلاح . حسنا هي اصطلاح حتى اتت وكملت في عهد سيدنا محمد عليه السلام فكيف لهذه الكتابة الخاطئة نحوياً بالنسبة لتطور اللغة ان تكون توقيفية وكل اللغة اصطلاحية وكيف يكون الهام الحق تعالى مندمجاً تحت اختراع بشري وهذا في رأيي لا يكون . فالامر هو ان اللغة الهام الهي زيد عليه الاختراعات والتطويرات البشرية لاحقا أي بعد اللغة الاولى تماما للبشر .
هو اعتقادٌ مبنيٌ على ما نعرفه اليوم عن نشوء لغات الإشارة في مجتمعات الصم المعزولة كما حدث في مدارس الصم في نيكاراغوا وفي عشيرة السيد في فلسطين وفي جزيرة مارثاس فينيارد في الولايات المتحدة الأمريكية. أضف إلى ذلك العلاقات الواضحة بين اللغات عموماً وبين العربية وغيرها من اللغات السامية الحية والمندثرة على حدٍ سواء، والتي لا يمكن أن نستنتج منها إلا أن هذه اللغات انفصلت عن بعضها وتطورت نتيجة تغييراتٍ طرأت على متكلميها من هجرةٍ وتغيرٍ ثقافي إلخ.
حين أقول أني أعتقد بهذا غير شاكةٍ، هذا لا يعني أني أعتبر الأمر حقيقةً علمية. أبداً! أنا أدرك أن الأمر يتطلب أدلةً ليست بأيدينا الآن وقد لا نحصل عليها أبداً. لكن على نطاقٍ شخصي، أنا لا أجد سبباً منطقياً يجعلني أشك في أن اللغات تنشأ بشكلٍ طبيعيٍ نتيجة تعايش البشر، ولا أجد سبباً منطقياً أو دينياً يجعلني أظن أن العربية تختلف عن غيرها من اللغات في هذه النقطة.
عذراً لكني لا أفهم تماماً ما قصدت بكلامك عن كتابة المصحف، ولا أرى علاقة هذا بموضوع حديثنا.
لما ادخلت الكلام عن مجتمعات الصم المعزولة . في الواقع هذا الموضوع يتبع لعلم الانسان وعلم الانسان يقول لك انه لا يوجد مجتمع معزول. لذلك فهذه الادلة التابعة لمدارس الصم مردودة لماذا ؟ . لان حتى الشامبانزي تعلم لغة الاشارة . ثم ؟ لم يطور لغة خاصة به ابدا .لقد اكتسبها . اما لغات الصم التي حكيتي عنها فهي لم تنشا من العدم هذا اولا وثانيا لقد تطورت بشكل راقي ومعقد وسامي مما يدل على ان جهاز اكتساب اللغة او القابلية اللغوية مغروسة اصلا في الجينات البشرية . السؤال الآن .. هل الحق تعالى خلق الانسان مع قابلية للغة ولم يمنحه اللغة ذاتها ؟ اضافة الى ان المسميات لا يمكن ان تكون تواطئية قط . لانها ترجع في اصولها الى اصلٍ واحد . ويبقى السؤال مكرراً . من اين اتى ذلك الأصل الاول ؟
أضف إلى ذلك العلاقات الواضحة بين اللغات عموماً وبين العربية وغيرها من اللغات السامية الحية والمندثرة على حدٍ سواء.
هنا ساخبرك بمعلومة ربما تبدو لك غريبة نوعاً لكن الادلة عليها كثيرة . الصلات التي ترينها بين اللغات الان ترجع لانها اتت من اصل واحد . والاصل الواحد هو العربية - والتي كانت لا تشبه العربية التي نتكلم بها كثيرا هي اصل لها لكن لا تشبهها تماما - . لذلك فكل التشابهات فالاكدية مثلا والآرمية والعبرية و القبطية و النبطية و اللاتينية و ما يسمى اللغات السامية و غيرها كلها اصلها عربي بادلة الاشتقاق .
مصدر الادلة :
الأكدية العربية - دكتور علي فهمي خشيم
البرهان على عروبة اللغة المصرية القديمة - علي فهمي خشيم
القبطية العربية - علي فهمي خشيم
الوحدة والتنوع في اللهجات العروبية القديمة -مجموعة باحثين -تقديم د.علي فهمي خشيم.
بالنسبة لكلامك حول :
أجد سبباً منطقياً أو دينياً يجعلني أظن أن العربية تختلف عن غيرها من اللغات في هذه النقطة ( أي انها تنشا بتواضع او اصطلاح بشري او تلقائياً المهم انها لم تنزل بشكل الهامي )
هناك سبب ديني ومنطقي يجعلك لا تعتقدين بذلك وهو كالتالي :
1- أفضل الكتب واكملها هو القرآن .
2- منطقيا ان ينزل بافضل لغة واكملها .
لو قلنا ان اللعةالعربية لغة كانت عادية من تواضع البشر وتطورت عبر الزمن ووصلت للكلام فانزل الحق كتابه يبرز هنا اعتراض ونتيجة :
النتيجة هي : ان اللغة العربية كملت منذ ذلك العصر لانها لو لم تكن كاملة ونزل القرآن بها للحق به النقص قطعا وهذا محال .
الاعتراض هو : اللغة العربية حسب دراساتك حديثع النسوء بنسبة للغات اعرق واقدم كيف بلغت في ذلك الزمن القصير الكمال المطلوب ولم تبلغ لغات لها اصول وعراقة وقدم مهول لذلك الكمال ؟ . ومن الكمال المرونة و القدرة على البقاء واستيعاب المعاني و توصيلها بدقة ؟؟
3- اللغة العربية هي تواضع واصطلاح بشري . اي انها صنع بشري بشكل ما وتواضع منهم نشا بشكل طبيعي ومعروف ان الشيء المصنوع بشكل طبيعي يدخل عليه النقص لا محالة .
4- القرآن كامل ولا يمكن ان يُحتوى في وعاءٍ او جهاز ناقص كلغة من اصطلاح البشر
5- النتيجة القرآن كامل أتى في لغة كاملة . ولانه الهي فنصه الوحيد مقدس اما اللغة فكاملة من ناحية الكمال كلغة بين اللغات لكنها ليست مقدسة .
6- الكمالُ يقتضي الأقدمية والأولية والاحتواء وان يكون اكبر من غيره . وبما انه ثبت من 5 ان اللغة العربية كاملة لعدم امكان ان كانت ناقصة ان تحتوي نصا كاملا . فانها بشكل مؤكد هي اللغة الأصل واللغة الام التي تفرع عنها باقي اللغات - الناقصة طبعا - فوجود فروع في الكامل بها نقص لا يؤثر على كمال الشيء .
التعليقات