منذ عدة سنوات، كان الحصول على فرصة تدريب أو وظيفة مبدئية بعد التخرج أمراً متاحاً بشكل أكبر بكثير من الوقت الحالي، لكن اليوم تغيّر المشهد بشكل ملحوظ. بحسب مقال نشرته مجلة فوربس مؤخراً، انخفضت نسب توظيف الطلاب حديثي التخرج بنسبة 50% منذ عام 2019، وهو رقم صادم يطرح الكثير من التساؤلات. والسبب الأساسي وراء هذا التراجع هو الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي داخل الشركات، حيث أصبح قادراً على إنجاز المهام البسيطة والمتكررة التي كانت في السابق توكل عادةً إلى الموظفين المبتدئين أو المتدربين.

المشكلة أن الشركات لم تكتفِ بالاستفادة من الذكاء الاصطناعي في هذا الجانب، بل رفعت من سقف توقعاتها تجاه المرشحين الجدد، فأصبح يُطلَب من الخريج حديثاً أن يمتلك خبرة متقدمة جداً وقدرة على التعامل مع مهام معقدة لا يمكن تفويض الذكاء الاصطناعي بها. وهنا تظهر المفارقة، فكيف يمكن لشاب في بداية مسيرته المهنية أن يمتلك خبرة لا تتحقق عادة إلا بعد سنوات من العمل؟

هذا الوضع يضع حديثي التخرج في دائرة من الظلم، إذ يتم استبعادهم من فرص العمل لا لضعف كفاءتهم، بل لأن السوق تغيّر بشكل سريع ولم يُمنَحوا فرصة للاندماج فيه. وهنا يبرز التساؤل عن الحل، هل على الجامعات أن تعدل مناهجها لتمنح الطلاب خبرة عملية أعمق قبل التخرج؟ أم أن المسؤولية تقع على الشركات لتوفير برامج تدريب وتأهيل تتناسب مع الواقع الجديد بدلاً من الاعتماد الكامل على الذكاء الاصطناعي؟

أعتقد شخصيا أن المؤكد هو أن استمرار هذا الاتجاه سيؤدي إلى فجوة أوسع بين سوق العمل والخريجين الجدد، وهو ما يستدعي تحركاً سريعاً لإيجاد توازن يضمن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي دون التضحية بمستقبل جيل كامل من الشباب.