في الوقت الذي يُنتقد فيه الطلاب بشدة لاستخدامهم أدوات الذكاء الاصطناعي في كتابة المقالات أو حل الواجبات، أصبح من الطبيعي أن نسمع عن معلمين يستخدمون نفس الأدوات في تحضير دروسهم، وتصميم اختباراتهم، بل وحتى في تقييم إجابات طلابهم. تقرير حديث نشرته New York Times سلّط الضوء على هذه المفارقة الصارخة، في حين يُتّهم الطالب بالغش والاعتماد المفرط عند استخدام الذكاء الاصطناعي، يُمنح المعلم تصريحًا أخلاقيًا باستخدامه كأداة تطوير مهني.

المفارقة لا تتعلق فقط بالاستخدام، بل بالتبرير. حين يستخدم المعلم الذكاء الاصطناعي، يُقدّم ذلك كدليل على الحداثة والمرونة والذكاء المهني. لكن حين يفعل الطالب الأمر نفسه، يُقدَّم ككسول، متحايل، وغير راغب في التعلم الحقيقي. وكأن المعركة ليست ضد الأداة، بل ضد من يستخدمها. والحقيقة أن كِلا الطرفين يلجأ إليها لنفس السبب وهو تقليل الجهد، وتحسين الناتج.

لكن هذه الازدواجية في المعايير تضعنا أمام أزمة تربوية عميقة. فهل المطلوب من الطالب أن يبني مهاراته في بيئة تخلو من أدوات العصر، بينما المعلم يُسمح له بتسريع عمله باستخدام نفس الأدوات؟ كيف نطالب الطالب أن يفكر ويحلل ويكتب من الصفر، بينما نُبيح للمعلم استخدام ذكاء صناعي ليضع له أسئلة الامتحان؟

ربما لا تكمن المشكلة في استخدام الذكاء الاصطناعي بحد ذاته، بل في طريقة إدماجه داخل العملية التعليمية. إذا استمررنا في تحريمه على الطلاب واعتباره تهديدًا، بينما نستخدمه خلف الكواليس كداعم للمعلمين، فنحن نُكرّس فجوة معرفية وأخلاقية. ما نحتاجه هو نقاش تربوي جاد حول كيف نُعلّم الطلاب استخدام هذه الأدوات بشكل مسؤول، وكيف نُعترف بأنها صارت جزءًا من الواقع، لا يمكننا عزله أو منعه.

الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا للتعليم من وجهة نظري، لكن ازدواجية معاييره قد تكون كذلك. وإذا أردنا أن نربّي جيلاً يعرف كيف يتعامل مع هذه التكنولوجيا، فربما علينا أن نبدأ بالصدق مع أنفسنا قبل أن نطالب الطلاب بالصدق في واجباتهم.

هل ترى أنه يوجد ازدواجية في المعايير فيما يتعلق باستخدام الذكاء الاصطناعي في العملية التعليمية؟ وكيف يمكن التعامل معها من وجهة نظرك؟