قد تستخدم تيك توك لجُرعة من الفيديوات السريعة في وقت الملل، أو قد تكره هذه المنصّة، وتعتبرها تقدّم جُرعات دوبامين فارغة من دون فائدة كما أفعل أنا، لكن لا نُنكر أنَّ تيك توك هو أحد أبرز البرامج حاليًا في ساحة المواقع التفاعلية، وخوارزميته جديرة بالدراسة والتعلّم.

ما الذي تفعله تيك توك ويختلف عن تويتر وفيسبوك وانستغرام؟ تيك توك تبدو للوهلة الأولى صعبة التصفّح، إذ تحتاج لأن تُقلِّب فيديو واحد في كلّ مرّة، لكن هذه الميّزة هي ما تجعلها تتفوّق في ساحة مواقع التواصل.

خوارزمية تيك توك تعتمد على وضع الفيديو أمامك، ثمَّ تنظر كيف تصنع مع هذا الفيديو؟ هل سُتشاهده مرّة؟ هل ستُعيده أكثر من مرّة؟ هل ستقلّبه سريعًا قبل أن يبدأ؟ هل ستُعجب بالفيديو وتدخل على حساب صاحبه؟ هل تُحمّله وتشاركه على بقيّة المنصات؟ كل هذه معلومات مهمّة لخوارزمية تيك توك، لتُهيّء لك الفيديوات المناسبة.

لو تحدّثنا على تويتر مثلًا، فأنت ستشاهد أكثر من تغريدة على شاشتك الرئيسية، وهذا وإن كان أمتع في التصفح من تيك توك، فإنّه يُصعّب على الخوارزمية معرفة المعلومات المهمّة عن تفضيلاتك، قد تكون هناك عدّة أزرار للاعجاب واعادة التغريد، لكن هذا لا يسمح لك بالتعبير عن عدم رغبتك في متابعة تغريدات مُشابهة.

مع تيك توك، لن تضطر لهذا إلّا لو أردتَ أن تُوصل رسالة صريحة للخوارزمية بأنّ الفيديو لا يُعجبك وتضغط على "لستُ مهتمًا" لكنّك لو قلَّبت الفيديو سريعًا، ستفهم تيك توك الأمر بهدوء، ولن ترشّح لك الفيديو نفسه. هذا الأمر غير مُمكن مع تغريدات تويتر ومنشورات فيسبوك.

تويتر مثلًا يبتعد شيئًا فشيئًا في هذا السباق، فهو يُظهر لك في الفترة الأخيرة ما يُعجب أصدقائك من التغريدات، وكأنَّ ما أعجبهم سيعجبني، وكأنَّ الأشخاص متشابهون فقط لأنّهم يُتابعون بعضهم.

قد ترى منشورًا لا يُعجبك على فيسبوك وتويتر، لكنّك لا تُريد صِداما مع صاحب المنشور، فهو صديق تعرفه، فتتجنّب التعليق والاعجاب، وتقلّب التايم لاين، الخوارزمية لن تفهم هذه المشاعر، هي مُصممّة للترشيح حسب التفاعلات الايجابية، وليس لمنصتها زرّ التفاعلات السلبية، أمّا تيك توك، فقلبٌ سريع للمشهد يُقلّل من احتمالية ظهوره لك مجددًا.

لهذا يكثر مع منافسي تيك توك حملات مثل "تنظيف شبكات التواصل" فيقوم المستخدم بالغاء متابعة العديد من الحسابات التي لم تعد تهمّه، أو يُعطي كتمًا لباقي الأصدقاء -كما يفعل صاحبكم- لأنّ منشوراتهم تستفزّه ولا تهمّه، مستخدم تيك توك لا يضطر لهذه العملية إلّا نادرًا.

أريد أن أسالكم هل جرّبتم تيك توك؟ فأخشى أن يحمّل أحدكم التطبيق بعد الذي كتبتُ بمساهمتي، جرَّب صاحبكم لساعة قبل انشاء المُساهمة، علّه يروضُ فرسًا جامحًا، ويوظّفه لفيديوات مفيدة، لكنّ الخوارزمية هذه تنفع للرقص والمكياج والفيديوات الرياضية، ولا تنفع لمن يحاول فائدة، ربما لأنَّ المحتوى المفيد قليل هناك، أو ربما لأنَّ الذي يبحث عن محتوى مفيد طوله 30 ثانية هو الذي في عقله خَبَل!