قد لا تدركُ ذلك، لكنّك منذ اللّحظة التي نهضتَ فيها من فراشك صباحاً إلى اللّحظة التي جلست فيها لتقرأ هذا الموضوع، كنتَ تمارسُ السّباحة ! لماذا ؟ لأنّ الهواء مائع ( سائلٌ ) مثل الماء بالضّبط فيه دوّامات و أمواج إنّه يتدفّق كالماء و عندما تقوم بإزاحة الهواء عن الطّريق فإنّه يتبعثر من حولك.. إذا لم لا نلاحظ ذلك في معظم الوقت؟

غالباً ما نتخيّلُ الهواء كمساحةٍ فارغة، في حين أنّ السّنتمتر المكعّب الواحد من الفضاء الخارجي.. أي ما يعادل مساحة طرف إصبعك الخنصر يحتوي بالكاد على ذرّة واحدة، نفسُ المساحة من الهواء تحتوي على 10 كوينتيليون من الجزيئات.. إن كان يصعب عليك تخيّل الرّقم فهو يعادل تقريبا عدد جميع الحشرات الحيّة الموجودة على سطح الكوكب، جميعها تزحفُ و تتسلّق و تطير فوق بعضها البعض في سربِ واحد هائل مضغوط بإحكام. عندما يصطدم هذا السّرب من الجزيئات بالأشياء فإنّه ينتج قوّة تضغط على حوافّ المائع، كما يضغط الماء على أطراف الزّجاجة التي تحتويه، يدعى هذا بـ الضّغط الجويّ .. و في حين أنّ الهواء أخفّ من الماء إلاّ أنّ جزيئاته ذات وزنٍ ثقيل، فالهواء الإجمالي الّذي يملأ صالة رياضيّة مدرسيّة يبلغ وزنه تقريبا وزنَ فيلٍ بالغ !

إذا لماذا عندما تدخل صالة رياضيّة لا يصدمك هذا الفيل الهوائي الموجود في الدّاخل ؟ حسنا.. في البداية لأنّ معظم هذا الهواء يضغط على الأرضيّة و الجدران و الجزء الّذي يمارس ضغطه عليك يتم دفعه بواسطة ضغط جسمك الدّاخلي.. فالماء و الهواء وكلّ شيء يملأ أجسادنا يبذلُ قدرا من الضّغط مساويا لضغط الهواء الخارجي. بالطّبع، لم يأت هذا عن طريق الصّدفة.. فهذا بالضّبط مانحتاجه للبقاء على قيد الحياة في الجو العادي، و هو ما يجعل الأمر صعبا في الأماكن المرتفعة و المياه العميقة.. و نحن في الأحوال العادية لا نشعر بضغط الهواء علينا لأنّه يكون منتظماً عادة.. لذلك على الرّغم من وجود كميات متفاوتة من جزيئات الهواء تضربك في أوقات مختلفة إلاّ أن هذا السرب سميك لدرجة أنّ جميع هذا الجزئيات المختلفة تتماثل في الشّكل

ماذا يحدث عندما لا يكون ضغط الهواء منتظما ؟

يعني هذا أنّ الجزيئات تضغط بشكل أقوى في منطقة من الهواء أكثر من غيرها و تسبّب تدفق الهواء من المنطقة ذات الضّغط الأعلى إلى المنطقة ذات الضّغط الأقل.. نشعر بهذا التدفّق بشكل مباشر كالرّياح، و أنظمة الضّغط الجوي التي يلاحقها باستمرار خبراء الأرصاد الجويّة مسؤولة عن التغييرات الأخرى في الطّقس ابتداء من التغيّرات العادية إلى الكوارث.

لكن الاختلاف في الضّغط الجوي، لا يجعلنا نتذمّر من الطّقس فقط، فهو السّبب الأساسي أننا على قيد الحياة، فنحن نتنفّس بخفض الضّغط في الرّئتين ما يسمح للهواء بالدّخول إليها.

إن كنت ممّن يتكاسلون عن قراءة مقال، إليكَ الفيديو الّذي أخذتُ منه النصّ ( 03:00 )