هل باب التوبة مفتوح امامه فيقبل الله توبته؟
ماذا لو تاب الشيطان؟
بكل تأكيد باب التوبة مفتوح أمام الشيطان وأمام أي كائن له إرادة حرة، فلو شعر بالندم ولو طرفة عين سيغفر الله له أسرع من طرفة العين. ولكن حتى الآن الشيطان لم يطلب التوبة.
الحديث الوحيد الذي يوحي أن إبليس طلب التوبة حديث ضعيف وهذا سنده.
قال السيوطي في الدر النثور :[ أخرج ابن أبي الدنيا في مكايد الشيطان عن ابن عمر قال: لقي إبليس موسى فقال: يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالاته وكلمك تكليماً إذ تبت؟ وأنا أريد أن أتوب فاشفع لي إلى ربي أن يتوب عليَّ قال موسى: نعم. فدعا موسى ربه فقيل: يا موسى قد قضيت حاجتك، فلقي موسى إبليس قال: قد أمرت أن تسجد لقبر آدم ويتاب عليك. فاستكبر وغضب وقال: لم أسجد له حياً أأسجد له ميتاً ؟ ثم قال إبليس: يا موسى إن لك عليَّ حقاً بما شفعت لي إلى ربك فاذكرني عند ثلاث لا أهلكك فيهن. اذكرني حين تغضب فإني أجري منك مجرى الدم، واذكرني حين تلقى الزحف فإني آتي ابن آدم حين يلقى الزحف. فأذكره ولده وزوجته حتى يولي، وإياك أن تجالس امرأة ليست بذات محرم فإني رسولها إليك ورسولك إليها.] وذكره السيوطي أيضاً في الجامع الصغير ورمز لضعف الحديث انظر فيض القدير 3/166.
طيب اذا تاب الشيطان واناب ماذا سيحدث للايات القرانية التي تلعنه وتتحدث عن عدواته للانسان؟
(1)
بداية يجب أن نفهم ماذا تعنيه كلمة شيطان ونفهم مقصود الله منها حين ذكرها.
وستجد أول مفتاح يوضح معنى الكلمة أن الله قال (شياطين الإنس والجن) أي أن كلمة شيطان قد تنطبق على الإنس وعلى الجن، ومن هنا نفهم أنها صفة تُطلق على من يفعل عدة أفعال. تمامًا كما تقول على فلان أنه كذاب لأنه كثير الكذب، أو فلان كسول لأنه ينام كثيرًا، وهكذا.
ومن هنا حين يقلع هذا الشخص عن هذه الصفة فهي لم تعد فيه وحكمها ينتفي عنه حينها ولا يقع عليه. فمثلا فلان الكذوب عندما يتوب لن يصبح كذاب ولكن سيصبح صادق، وفلان الكسول حين يصبح نشطًا فلن يُوصف بالكسول، كذلك عندما يتوب الشيطان فسوف تنتفي عنه الصفة الشيطانية عنه ولن يعد شيطانًا ولكن سيكون صالحًا.
ولعلمك هناك الكثير الكثير من شياطين الإنس والجن الذين لا يعلم عددهم إلا الله والذين يجب أن يتوبوا جميعهم وينيبوا حتى تتحقق فرضيتك وهذا أراه شخصيًا مستحيل، ولكن إن حدث فسنقول حينها أن القرآن أخطأ وبعدها تأتي الكثير من الاحتمالات
(2)
إن كنت تقصد في سؤالك إبليس بذاته بصفته الشيطان الرجيم، فلتقرأ ما جاء في القرآن عن إبليس باسمه حيث ذكر القرآن كلمة إبليس 11 مرة وجميع الآيات التي ذكر فيها إبليس كان أقصى عقاب فيها أنه رجيم وأن عليه لعنة الله إلى يوم الدين وأنه من الكافرين.
وإن تاب فمرحبًا به وهذا لن يتناقض مع القرآن؛ فليتب وستكن عليه لعنة الله إلى يوم الدين ولكن يوم القيامة قد لا يعذب، وستقول أنه إن تاب فكان يجب أن يريحه الله من اللعنة الدنيوية ولكنه يستحقها بما أغوى عباد الله من الجن والإنس، ثم إن هذه إرادة الله وأمره في إبليس.
هل تريد القول بان ابليس الذي رفض السجود لادم ليس هو الشيطان الذي اغواه واخرجه من الجنة؟
﴿ وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾
﴿ فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ﴾
في هذه الايات الشيطان هو نفسه ابليس ولا وجه للتفرقة بينهما (راجع التفاسير المعتمدة)
وتبقى المعضلة لو تاب الشيطان هل سيظل القران يلعنه باعتباره مصدر الشرور والعدو الابدي لبني ادم الذي يجب يحذروه ام ستبطل هذه الايات وينتهى مفعولها؟
هل تريد القول بان ابليس الذي رفض السجود لادم ليس هو الشيطان الذي اغواه واخرجه من الجنة؟
لا لم أقل ذلك، ولكن حين يتحدث عنه باسم إبليس يختلف عن التحدث عنه بصفة الشيطان، تمامًا مثلما أقول أن (محمد صادق أو أعبر عنه بالصادق).
في هذه الايات الشيطان هو نفسه ابليس ولا وجه للتفرقة بينهما (راجع التفاسير المعتمدة)
راجع تعليقي مرة أخرى لتعلم أني لم أحيد عن ذلك.
وتبقى المعضلة لو تاب الشيطان هل سيظل القران يلعنه باعتباره مصدر الشرور والعدو الابدي لبني ادم الذي يجب يحذروه ام ستبطل هذه الايات وينتهى مفعولها؟
هي ليست معضلة إلا في عقلك أنت؛ تفترض افتراضًا مستحيل وتبني عليه معضلة. إن تاب أبليس فله توبة، كذلك لو تاب أي فرد من قبيلة إبليس فله توبة وليست هناك مشكلة وحتى إن تاب فهذا لا ينفي عداوته للبشر لأن التوبة لله أما شعوره وحبه للبشر أو بغضه لهم فهذا أمر آخر.
أما كلمة الشيطان هي صفة استخدمها القرآن وليست اسمًا لأحد، لذلك لكي تقول أن الشيطان تاب سأسألك من تقصد بكلمة الشيطان فإن قلت إبليس سأقول لك إن تاب فإن هذا لن ينقض شيء في القرآن لأن القرآن حذر باستخدام كلمة الشيطان كصفة أي جعل التحذير على وجه العموم على كل شخص أو جني تنطبق عليه صفة الشيطان.
هذا تلاعب بالالفاظ ليس الا. ربما كلامك صحيح عندما تكون كلمةشياطين مٌنكرة فنفهم انها صفة قد تطلق على الانس والجن اما اذا جاءت معرفة بالألف واللام فلا يستفاد منها غير معنى واحد وهو ابليس راجع الايات المشار اليها حتى تفهم ذلك من السياق
في قاموس المعاني كلمة شيطان معناها : (1) إبليس ، وهو روح شرِّير مغوٍ بالفساد (2) كلُّ متمرِّد مفسد من إنس أو جنّ. وهذا التعريف للكلمة سواء ذكرت نكرة أو معرفة. وجائت الكلمة من كلمة شطن أي بعد عن رحمة الله.
وهذا دليل على أن القرآن يستخدمها كصفة سواء كان يقصد بها إبليس أو كل الشياطين: في قوله تعالى في سورة الأنعام : إِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَآئِهِمْ. (الشياطين هنا تعني الطغاة من الإنس والجن).
راجع هذا المقال أيضًا ليتضح لك مفهوم كلامي:
الشياطين هم أشد الجن كفرا والجن يتبعون أديان مختلفة مثلهم مثل البشر ومن يريد التوبة منهم تقبل توبته إن شاء الله
... أما إذا كنت تقصد إبليس فهو لن يتوب لأن الله أخبرنا بذلك.
التعليقات