فإذا كان للإمام أطفيّش هذه المكانة العلميّة المنبنية على الملكة الاجتهاديّة المطلقة، فإنّ ذلك يدعونا إلى البحث عن الأسباب التي أوصلته إلى ذلك؛ ولا شكّ أنّ توفيق الله تعالى هو السبب الأساس في ذلك، ثم ما حباه الله إياه من صفات نفسيّة وعقليّة كان معيناً له على تحصّل تلك الأدوات.
وإنّي أرى أنّ من أعظم الأمور التي جعلت الإمام أطفيّش مبرّزاً في الاجتهاد ومتمكّناً فيه غاية التمكّن أنّه كان يدرُس الفنّ من فنون أدوات الاجتهاد، ويتقنه إتقاناً بالغاً، ويؤلّف فيه؛ وذلك لأنّ التأليف يورِث دقّة المعلومات فضلاً عن الإسهام في ثباتها، من هنا نجد للإمام أطفيّش مؤلّفات في فنون أدوات الاجتهاد.
وسأذكر بعض مؤلّفاته في ذلك مقروناً بذكر شروط الاجتهاد التي ذكرها علماء الأصول، أي الأدوات التي لا بدّ للطالب أن يتحصّلها حتى يكون أهلاً للاجتهاد".
*تخريج الفروع على الأصول عند الإمام محمد بن يوسف أطفيّش، لسيف بن سعيد العزري.