٠سيّدة الأرض...

أتسمع صوت ذرف أدمع ؟إنّها تلك السيّدة التي اغرورق قلبها بها لفراقها صغارها.

قال الشاعر محمود درويش "عَلى هذه الأرض ما يستحق الحياة، على هذه الأرض سيدة الأرض، أمّ البدايات أمّ النّهايات كانَت تُسَمّى فلسطين صارت تُسَمّى فلسطين" أجل يا سادة، إنّها فلسطين الأبيَّة.

قَبلَ عشرات الدهور وَقَعت هذه الأرض رهينة تحتَ أيدي اليَهود عَلى أنّها هديَّة مقدّمة لهم دون مقابل. ولكنّها دفعت المقابل كلّه، فرّقوا عنها أبناءها، اختَلوا بضواحيها فمزّقوها ، استباحوا حرمة ترابها فكدّسوه بالأرواح النبيلَة ، رَحَّلوا أمنيّات أطفالها فَباتَت مُحاصَرةً تَحتَ حُطام المُدُن.

حَربٌ نَهّشَت حرمَةَ مساجدها ومقدّساتها ، قَمَعَت حُرّيات مَن عَلَيها دون استثناء.

تلكَ الحَرب أَحَلَّت للعدوّ كلّ ما يَحرُم، وحرّمت للقَريب كل ما يَحلّ،واا أسفاه عَلى تلكَ الديار ،صامِدَةً وَحدها تُجابه وَحدتهم.

يَسترقون السَمع إلى صَوت صراخها من وَراء الحِجاز دون حِراك ، لا نَفعَ لها منهم، أفعالهم وكلامهم يضير شرفها، نسيانهم لها يخدش كبريائها، وكَأنّهم لا يمتون بصلة لَها، وكَأنَّ ربّهم ودينهم لم يوصهم بها وبما يعتليها من مقدّسات إسلاميّة، ألا يدركون مكانتها في قلوب كل المسلمين! ألا يُدرِكون عِظَمِها في قلوبنا!.. فَعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى..) فلا نستطيع إنكار مكانة المَسجد الأقصى الذي يعتلي أرضها المُبارَكة، قال ﷲ تعالى في مُحكَم آياته: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.

ولكن الظلم لَم ينجُ يومًا من حُكم العَدل، سيَأتي نصر ﷲ أَلا إنَّ نصر ﷲ قَريب، عَلَينا بالصَّبر والدّعاء فهما خيرُ سِلاح لعديمي الحيلة أمثالنا.

نشيجُ الأماكن لا يتوقّف ، تتهامس الأحلام كي لا يُسمع صوت بُعدها ، سُفراء السّلام يروون التراب بدمائهم ، لازال انتحاب أطفالها مُعلّق يرتدّ بين ضواحي سَمْعنا ، قلب بلادي حنَّ لهم ، قلبَ فلسطين حنَّ لهم.