فايروس كورونا ظرفاً طارئاً أم قوة قاهرة ؟

الفرق الجوهري بين الظروف الطارئة والقوة القاهرة؟ وماذا يمكن إعتبار فايروس كارونا وفقاً لذلك؟ وماذا يترتب على المدد المتعلقة بالإلتزامات؟ وهل يمكن إعتبار فايروس كورونا عذر مبرر لإنقضاء الإلتزامات؟

  • القوة القاهرة: لم يعرف القانون المدني الفلسطيني القوة القاهره، بل كان يسردها على سبيل الذكر دون التطرق لتعريفها.

ولكن عرف الفقه القوة القاهرة بأنها (كل فعل لا شأن لإرادة المدين، ولا يمكن توقعه ولا منعه، ويجعل تنفيذ الإلتزام مستحيل إستحالة تعفي المدين من المسؤولة العقدية أو التقصيرية).

وعليه يتضح أنه لكي نكون أمام قوة قاهرة يجب أن لا يكون للمدين تدخل في ذلك، وعدم توقع المدين ذلك وعدم قدرته على منع هذه القوة مما يترتب على ذلك إستحالة تنفيذ المدين لإلتزاماته.

  • الظروف الطارئة:

نصت المادة (151) من القانون المدني الفلسطيني رقم(4) لسنة (2012) على " اذا طرأت حوادث استثنائية عامة لم يكن في الوسع توقعها، وترتب على حدوثها ان تنفيذ الالتزام التعاقدي اصبح مرهقا للمدين يهدده بخسارة فادحة، جاز للمحكمة تبعا للظروف ان ترد الالتزام المرهق الي الحد المعقول، ويقع باطلا كل اتفاق يقضي بغير ذلك".

نجد أن المشرع الفلسطيني عرف الظروف الطارئة بأنها: (حوادث طارئة إستثنائية عامة غير متوقعة الحدوث أثناء إبرام العقد تجعل تنفيذ الالتزام مرهقا للمدين بحيث تهدده بخسارة فادحة).

وبناءً عليه يتضح الفرق بين القوة القاهرة والظروف الطارئة:

أن القوة القاهرة تندرج ضمن السبب الأجنبي لإنتفاء المسؤولية المدنية للمدين بتنفيذ إلتزامة، بالتالي يترتب على إعتبار القوة القاهرة أنها سبب أجني إستحالة تنفيذ الإلتزام.

أما الظروف الطارئة فهيا حادث ويشترط أن يكون عاماً، وهذا الحادث يجعل تنفيذ المدين لإلتزامه مرهقاً له. بالتالي تبقى مسؤولية المدين قائمة وغير منقضية، وعليه يكون للمحكمة السلطة التقديرية في أن تعمل توازن عقدي في الإلتزامات، على أن تكون الأولويه للدائن بمراعاة مصلحته.

وبناءً على ذلك؛ فإن البعض يرى بأن فايروس كورونا هو قوة قاهره وليس ظرفاً طارئاً، وهذا مردود عليه، بل إن فايروس كورونا لا يمكن إعتباره قوة قاهره (سبباً أجنبياً) يمكن للمدين أن يتمسك بها، بل إن هذا الفايروس هو ظرفاً طارئاً متحققة شروط الظروف الطارئة به، وفقاً لما يلي:

  1. فايروس كارونا يعتبر حادث إستثنائي عام، ولم يكن متوقع (المدين لم يكن لديه العلم المسبق بخروج فايروس كورونا من الصين و وصوله لفلسطين).

  2. فايروس كارونا جعل إلتزامات المدين مرهقاً له ويهدده بخسارة فادحة. بالتالي لا يكن إلتزام المدين مستحيل بل مازال هناك إمكانية للتنفيذ. بمجرد إنتهاء الفيروس والقضاء عليه يستمر المدين بتنفيذ إلتزامه. بينما لو إعتبرنا الفيروس قوة قاهره فإنه التنفيذ مستحيل لإنقضاء وقضاء الإلتزام ومحله.

وعليه إن السماح بإعتبار فايروس كورونا قوة قاهره فإنه يأتي بالإقتصادِ أرضاً ويجعلها حيله قانونية يتمسك بها المدين للتهرب من إلتزاماته.

ونخلص فيما يتعلق بالمدد؛ بأن المدد القانونية الموضوعية يتم تطبيق نظرية الظروف الطارئة عليها وفقاً للقواعد العامة.

بقلم / أ. رندة مصطفى قدادة