من المتوقع أن تكون التكنولوجيا وسيلة لتسهيل حياتنا، لكن إذا شاهدتم فيلم "wonderland" الكوري ستنظر إليها بنظرة مختلفة قليلاً، الفيلم مُصنف ميلودرامي في إطار رقيق من الخيال العلمي، حيث تنطلق الأحداث بخدمة رقمية تُتيح التواصل مع الموتى والغائبين عبر نسخ من الذكاء الاصطناعي بواسطة تحميل بيانات الشخص وصوته وذكرياته في نسخ رقمية تعيش حياة مثالية يختارها الشخص قبل وفاته، لتعيش تلك النسخ وتتفاعل مع أسرتهم بعد الرحيل.

فنحنُ أمام معضلة اجتماعية وهي الهروب من ألم النهايات بتجميل وتزييف الحقائق والواقع، فهنا لا نستخدم التكنولوجيا بهدفها للتقدم، بل أراها كمخدر عاطفي ليس إلا، يمنعنا من عيش دورة الحزن الطبيعية.

الفيلم يعرض قصتين، الأولى لمضيفة طيران تشعر بالوحدة بعد دخول حبيبها في غيبوبة طويلة فتبدأ بالإشتراك في تلك الخدمة لتصمم نسخة منه ليكون رائد فضاء يتحدث معها كل يوم بسعادة ويشاركها كل تفاصيلها، لتقع في حب تلك النسخة المزيفة، وتقع في حيرة من أمرها بعد أن استفاق حبيبها الحقيقي الذي أصبح يعاني من آثار جانبية وصعوبة في التكيف بعد الغيبوبة، بينه بوضعه المُربك والمشتت وبين نسخته الرقمية السعيدة والمثالية، مما سبب فجوة كبيرة في علاقتهم.

والثانية لأم شابه علمت أنها ستموت قريباً بسبب مرضها، فقررت إخفاء مرضها عن أبنتها الصغيرة واشتركت في الخدمة، بتصميم نسخة عنها تعمل كعالمة آثار في الصحراء، وتتحدث مع أبنتها كأنها في رحلة عمل، لكن مع الوقت تبدأ تلك النسخة بتطوير المشاعر نتيجة إشتياقها لأبنتها فيحدث خلل في النظام يهدد بإنهيار العالم الذي تعيش فيه تلك النسخة.

فتلك المحاولات البائسة لتحويل مشاعرنا وذكرياتنا إلى مجرد أكواد برمجية لا تموت أبداً، تظل عاجزة وباردة أمام المشاعر الحقيقية، والاعتماد عليها لا يداوي جراح الفقد، بل يُبقي تلك الجراح مفتوحة، ويسلب منا شجاعة الوداع والمضي قدماً.