من جحيمي و عذابي الذي عانيته في هذه الحياة هو اضطراري للتكرار .. فالتكرار بالنسبة لي جمود و توقف نمو .. و يشمل تكرار كلام و تكرار أفعال يومية روتينية .. فالتكرار يعتبر ضد طبيعتي و ضد خلقتي و ضد صحتي .. فشخصيتي تحتاج للإستكشاف و البحث عن تعلم الجديد في كل لحظة تمر .. أحتاج للتعلم عن كل شيء .. فأجد أن حياتي كلها و الغرض من خلقي هو التعلم المستمر إلى غاية سن الاستقرار النفسي على روتين معين قد يكون في الأربعين من العمر أو أكثر .. فالمهم أن ما أنا متأكد منه أنني أحتاج للتعلم الحر من الناس و من كل ما يثير فضولي و حيرتي .. فالتعلم بالنسبة لي ليس مجرد تدخل في شؤون الناس بلا هدف و بلا معنى .. بل هو بمثابة هواء و أكسجين بالنسبة لي .. فأتعلم من خلال التجريب و الإستكشاف و ارتكاب الأخطاء ثم تصحيحها و اكتساب الدرس و المضي قدما .. أجد نفسي أنفر تلقائيا من ما هو مكرر و منجز بالفعل .. و لا أجد أي معنى في التقليد و التكرار .. و أرى أن الاختلاف له معنى و فائدة عظيمة في الحياة .. و أتضرر نفسيا من أولئك الذين يقولون لا تتدخل فيما لا يعنيك بينما أنا أشعر بأن كل شيء يعنيني و أرغب في اكتشافه .. و أرى أن من يقولون ذلك الكلام جهلاء و مسيؤو ظن و قتلة للفضول الطبيعي الذي خلقه الله فينا ..
الإلتزام بروتين محدد !❗
لابد أن تكسر جمود دائرة الروتين، بمثل هذه الاكتشافات مثلًا، والتعلم. ولكني أرى هنا أن التكرار لابد منه. فهو ماسيصلنا لأهدافنا، مثلًا لو كنت تعتبر هدفك التعلم وكل يوم خصصت ساعة للتعلم والقراءة في مجال معين
هل هذا تعتبره تكرار؟
@raghadbanjar2 هذا التخصيص و التحديد و الإلزام هو بالذات ما يزعجني فأنا لا أعرف بعد إذا كان ذلك الروتين مفيد لي أو لا .. و لا أستطيع أن أجزم بأنني لن أغيره فقد أقرر و أعطي نية و وعد و لكن في الوقت المحدد يأتي ظرف طارئ يغير خطتي و يلخبطني و أكون مضطرا للإخلاف بالوعد أو أكون مضطرا لتجاهل الظرف .. و الإشكال أنني لا استطيع أن اعرف ايهما أولى فمهارتي في ترتيب الأولويات ضعيفة جدا ..
أملك نفس المشكلة في الحقيقة، لكن لدي الآن قناعة، إن لم يكن هناك أولوية والتزام حقيقي بشيء فالنهاية هي التشتت بين الأهداف، وعدم إتقان أي شيء بشكل كامل. وفي نقطة ذكرتها، نعم صحيح يحدث طارئ، ولكن لا يحدث كل يوم.
بالنسبة لي لا أستطيع أن أتحمل الإلتزام بطريقة منهجية واحدة مرتبة توصل إلى هدف محدد .. أحتاج إلى الحرية النفسية في تجريب طرق عشوائية غير مرتبة تكسر الروتين و المألوف .. فأشعر بأن طبيعتي و شخصيتي تتطلب الحرية في اكتشاف طرق غير مألوفة لأنني أختنق من الإلزامات و الفروض ..
لابد من فهم شيء و هو أنها ليست طريقة بقدر ما هي احتياج نفسي للحرية من الأوامر و رغبة في التخلص من الإلزامات و القيود .. فنحن تعودنا عندما نسمع كلمة حرية نفكر مباشرة في سيناريوهات غير مستحبة و نظن أن المقصود هو تطبيعنا مع ارتكاب الأخطاء و غير ذلك .. و لكن هذا مفهوم غير صحيح عن الحرية .. فالحرية المقصودة هي الحرية النفسية و حرية اكتشاف احتمالات جديدة و حرية ارتكاب بعض الأخطاء البسيطة ثم التعلم منها .. فالإنسان كيف وصل إلى الحقائق الدقيقة لو لم تكن هناك تجارب و أخطاء في الحياة و تطوير مستمر و تصحيح .. فالأخطاء في تعريفها الدقيق هي تصرفات و أقوال قام بها الإنسان لأول مرة ثم اكتشف بأنها ضارة عليه أو على الناس حوله فعندما اكتشف ضررها قام بتدريسها لأولاده و لأقاربه و لمجتمعه على أساس أن يحذرو منها و أن لا يقعوا فيها كما وقع فيها هو .. و لذلك فالعلم في جوهره هو تجارب الإنسان الحسية مع الطبيعة و الكون و الحياة و تشمل مشاعره و ملاحظاته و فرضياته .. الخ .. و الفضول النفسي هو شيء ركبه الخالق فينا لكي نرغب في استكشاف الغوامض في الناس و في الطبيعة و في كل شيء يثير حيرتنا .. عندما أرغب في أن أكون حرا في فعل شيء ما بطريقتي فأنا أطلب حقي في التعلم و التجربة و الخطأ و اكتساب الخبرة .. و الأخطاء هي جزء طبيعي من التعلم في رحلة الحياة .. فالذي لا يخطئ هو الذي لا يجرب و لا يبادر بل ينتظر أن يرى نتائج تجارب الآخرين لكي يفعل مثلهم و يقلدهم .. و بالتالي هو لا يحوز شرف المبادرة الأولى فالذي يبادر هو الذي يصيب و هو الذي يخطئ .. و المبادر الأول ينزعج من الناس التي لا تبادر و تقوم بلومه على الأخطاء .. فمن الأخلاقي أن نقوم بمسامحة المبادر على الأخطاء لأنه لم يتعمد من جهة و لأنه قام بشرف المبادرة و المحاولة رغم ارتكاب خطأ فادح .. و بالتالي فإن تكريم القائد و المعلم يكون بمسامحته على اخطائه غير المتعمدة التي تتم بنية الاستكشاف أو عن جهل أو عن نقص وعي بالمخاطر .. من الجيد اعطاء فرصة ثانية و اعطاء مساحة للمخطئ بأن يعيد مراجعة افعاله و اقواله و استكشاف عيوبه و أخطائه و القيام باعتذار و تعويض بما أمكن ذلك .. فالحياة الإنسانية تسير بهذا الشكل ..
التعليقات