في زمن تتسارع فيه الإشعارات، وتُستنزف فيه طاقتنا بكثرة التفاعل، صارت العزلة خيارًا يلوذ به كثيرون بحثًا عن الهدوء والتركيز. لكن ليست كل عزلة مفيدة، بل يقع خط فاصل بين "العزلة المنتجة" و"الانعزال الاجتماعي" الذي يُنهك الصحة.
علم النفس يميّز بين النوعين بدقة: العزلة المنتجة هي انسحاب اختياري واعٍ من التفاعل الخارجي، بغرض استعادة الذات، أو إنجاز مشروع، أو التأمل والتفكر. وهي ما يفعله الكاتب حين يختفي ليكتب، أو المبرمج حين يعزل نفسه ليُنجز تطبيقًا، أو القارئ حين يغلق هاتفه ليغرق في كتاب. هنا تكون العزلة فعلًا إراديًا ومحدود المدة، يدعمه هدف واضح.
أما الانعزال الاجتماعي، فهو غالبًا نتيجة ضغط نفسي، أو فقدان الدافع للتواصل، أو شعور داخلي بعدم الانتماء. هذا النوع، تؤكد الدراسات، مرتبط بارتفاع معدلات القلق والاكتئاب، ويؤثر على هرمونات التوتر، بل ويُضعف المناعة على المدى البعيد.
عن نفسي لم أكتب نصًا جيدًا يومًا وسط الضجيج. لكنني اختبرت أيضًا أن الانغلاق الطويل يفقدني الإحساس بالعالم من حولي. فتعلمت أن العزلة تصبح منتجة حين أختارها، لا حين تهزمني الحاجة إليها.
ما هي طقوسكم الخاصة التي تحول العزلة إلى مساحة للإبداع بدلاً من مساحة للوحدة؟
التعليقات