تبدأ الكثير من مشكلاتنا الحالية من وقت مضى عليه الزمن، فبعض أحداث الطفولة تسبب شعورًا بالضيق يلاحقنا طوال الوقت. وما قابلته في حياتي من أشخاص يعانون صدمات الطفولة كانت أكثرها بسبب الأسرة وتفككها الكبير أو تعقيداتها غير المبررة لدرجة أن الطفل يدخل في دائرة من "لا تتحدث، لا تثق، لا تشعر، وإن شعرت لا تعبر عن شعورك!"
ولكن لا يقف الأمر على الأسرة فحسب، فقد يصطدم الطفل بأمور أكثر من مجرد الإهمال، مثل العنف الأسري الجسدي أو المعنوي، التعرض للعنصرية أو التنمر، مرور الأسرة بضوائق مادية أو كوارث طبيعية كالحرائق وغيرها. وكتجربة شخصية عايشتها ولكني استطعت تجاوزها بعد عدة سنوات هي تأثير المدرسة والمدرسين على الطفل، فكلمة واحدة يمكنها جعله يفقد ثقته بنفسه وخاصة إن كانت أمام زملائه. كما أنهم وجدوا أن مشاهدة الطفل لأفلام العنف والرعب وغيرها تؤثر على تفكيره بالسلب، وقد تؤدي إلى صدمة طفولية نتيجة التعرض لتلك المواقف الغير لائقة بالطفولة.
وتأثير صدمات الطفولة يمتد نحو فترات الشباب وحتى الشيخوخة إن لم يتم معالجته، فيمكن أن يظهر على هيئة الشعور بالذنب، فالبعض يتفوق على زملائه في الدراسة أو العمل، إلا أنه يشعر وكأنه فعل أمر خاطئ وأنه أذى زملائه. فقد تؤثر بنا تلك الصدمات لدرجة إكسابنا شعورًا بالأنانية حينما ننجح أو نصبح في المراكز الأولى، ولا نفكر في مشاعرنا بقدر ما نخشى من مشاعر الآخرين.
والبعض يشعر بأنه ضحية طوال عمره وينتظر من كل من حوله مواساته وتدليله إن أمكن، وأعتقد أن هذا الفعل هو محاولة لتعويض الأمان المفقود في مرحلة الطفولة. ويوجد بعض الأشخاص تتوقف حياتهم بصورة ما وتتحول لمجرد رتابة يومية لاستمرارها على أي حال دون شعور بأي سعادة أو رفاهية.
وهناك من يشعر بالخوف من مواجهة المجتمع خاصة من تعرض لإعتداء جسدي، أو الانسحاب من أي مكان اجتماعي، لمن تعرض للخجل أمام جمهور من قبل.
وتوجد بعض الآليات المستخدمة لعلاج هذه الصدمات، ولكن أكثرها مساعدة للشخص برأيي هي محاولة إخراجه من منطقة التركيز على الموقف المؤثر به، بالإضافة إلى طريقة الكتابة بكلا اليدين، وهي تقنية مبنية على الكتابة بكلا اليدين بأسلوب تقسيم الصفحات، ففي الصفحة اليمنى عبر وكأنك الشخص المسبب لصدمات طفولتك، وفي اليسرى رد على كلام اليمنى بما ينطقه قلبك. وقد تحتاج تلك الطريقة لإشراف متخصص نفسي أحيانًا إن كانت الصدمة كبيرة.
ماذا عنكم ما هو الموقف الذي أثر بكم في طفولتكم بالسلب وتتذكرونه حتى اليوم، وما هي مقترحاتكم لتجاوز صدمات الطفولة واستمرار الحياة بسعادة؟
التعليقات