في صغري انبهرت كثيرًا بمشاهد التنويم المغناطيسي التي تعرضها الأعمال الفنية التلفزيونية والسينمائية. وانطبع في ذهني – مثل الكثيرين – أن التنويم المغناطيسي له قدرات تأثيرية خارقة على البشر.
حسنًا .. إن كنت مازلت تعتقد في هذا الأمر، فربما تقرأ معلومات جديدة تمامًا عن التنويم المغناطيسي الآن.
بدايةّ اسمه ليس التنويم المغناطيسي. كلمة "مغناطيسي" هذه في الأساس ليس لها معنى أو وجود في هذه العملية، ولا تعبر من قريب أو بعيد عن عملية التنويم، ولا يوجد علاقة للمغناطيسية بهذه العملية، اللهم إلا إضفاء بعض التشويق ولفت الانتباه بهذا المسمى. ربما ظهر هذا المصطلح أول مرة في العروض المسرحية القديمة، أو الأعمال السينمائية التي هولت من شأن التنويم المغناطيسي. بشكل عام السينما تُقَدِّم الحبكة على العلم والحقائق. فهي تبحث عن المشاهد التي تلفت الانتباه، وتثير حمية وتفاعل المشاهد، بغض النظر عن مدى صحة أو كذب المعلومات العلمية والتاريخية الواردة في العمل الفني.
ولكن على الرغم من ذلك، فقد اشتهر بين الناس وكبار المثقفين بهذا الاسم: التنويم المغناطيسي.
الاسم العلمي للتنويم المغناطيسي هو التنويم الإيحائي Hypnosis. وهو فن علاجي معترف به عالميًا، وهو أحد أبحاث علم النفس، ويتم إجراء العديد من الدراسات عليه حتى الآن لاختبار فعاليته في علاج الأمراض وتغيير العادات السلوكية.
أشارت منظمة الصحة العالمية أن 90% من البشر قابلين للتنويم إيحائيًا. مفهوم التنويم الإيحائي متنوع كثيرًا عن المشاهد المحدودة التي نشاهدها في الأعمال الفنية عن التنويم المغناطيسي. فمن يشاهد التلفاز ويغفو ويشعر بالأحداث التي تدور على الشاشة أثناء نومه، هو بالفعل تعرض لتجربة تنويم إيحائي ذاتي.
التنويم يُستخدم في تخفيف حدة الآلام، تغييب أو تخفيف تأثير الصدمة العصبية، الإقلاع عن التدخين أو التخلص من العادات السلبية بشكل عام، تحسين التركيز، رفع وتحسين الأداء في العمل، وغيرها من التطبيقات.
التنويم الإيحائي معروف منذ أكثر من 3000 عام. بدأ عند المصريين القدماء كفن علاجي، ثم أخذه منهم اليونانيون، ثم البابليون، وأثبت فعاليته في معالجة الكثير من الأعراض والسلوكيات.
من الأكاذيب والأمور الخاطئة بشأن التنويم الإيحائي: التنويم غصبًا أو بالخديعة
أي خداع شخص ما، وتنويمه رغمًا عنه. هذا المشهد احترق في كلاسيكيات السينما، ومن كثرة تكراره، ظن الناس أنه حقيقة واقعية. الواقع يختلف تمامًا عن هذا. لا يمكن تعريض أي شخص لتجربة تنويم إيحائي ضد رغبته أو رغمًا عنه. فحالة التنويم ذاتها تتطلب مستوى معينًا من الاسترخاء ووعي مبدئي، حتى يمكن السماح لتعليمات وإيحاءات المنوم بالمرور إلى عقل الشخص الخاضع للتنويم.
كذلك عقدة السيطرة التي أرهقتنا بها السينما.
أي أن المنوم يقوم بتنويم شخص ما مغناطيسيًا، ليطلب منه فعل شيء معين لمصلحته الخاصة (المنوم). هذا الأمر خاطئ في مفهومه. فالشخص الخاضع للتنويم يدرك الرسائل الموجهة لعقله جيدًا ويعيها، ولا يمكن السيطرة عليه، أو دفعه لفعل شيء مخالف لمبادئه. فلا يمكن أخذ معلومات شخصية من الشخص الخاضع للتنويم، هو لا يرغب في البوح بها في حالته الواعية، مثل معلومات حسابه البنكي، أو رقم بطاقة ائتمانه، أو أسراره الشخصية. كذلك لا يمكن دفعه لفعل أفعال مشينة مثل السرقة، التحرش، القتل، أو الانتحار. فكل هذا ضد مباديء الشخص، وبالتالي لا يلتفت إليها في الأساس، بل ربما يستيقظ فورًا إذا شعر بهذا النهج في عملية التنويم .
التنويم الإيحائي هو مجرد بوابة رقيقة يتم فتحها إلى العقل الباطن للولوج وتغيير بعض المفاهيم السلبية، واستبدالها بمفاهيم إيجابية. وتتم العملية من بدايتها لنهايتها برغبة الشخص الخاضع للتنويم وبكامل وعيه في بداية الجلسة، ويدرك تمامًا أبعاد هذه الجلسة، ونتائجها قبل وبعد استيقاظه.
شخصيًا تعرضت لثلاث جلسات تنويم إيحائي على يد متخصصين، وقمت بتجربة العديد من جلسات التنويم الإيحائي الذاتي مع نفسي لتحسين العديد من الأمور في شخصيتي.
فهل قمت بتجربة جلسات التنويم الإيحائي من قبل؟ سواء ذاتيًا أو من خلال مدرب؟
التعليقات