نظرتُ حولي فلم أجد بين قطع الثّلج المتراكمة سوى دُكّانٍ صغيرٍ يضيء بخفوت.
حاولت الوصول إليه، فبدأت أمشي بتثاقُل.
مشيت بضع خطواتٍ بصعوبة، إلّا أنّني تعثّرت بحجرٍ كان مختبئًا تحت الثّلج.
ضحك الحجر عليّ ضحكةً خافتة، فنظرت إليه شزرًا وحوّلته إلى شوكولا ساخنة ثُمّ تناولته مع موزةٍ كانت تمشي بجواري.
كانت للموزة عينان مريبتان، وعندما رأيتها للمرّة الأولى شعرت بأنّها من الـCIA وبالفعل لم يخِب ظنّي، فعندما أزلت قشرتها وقعت منها بطاقة CIA، ومعها جواز سفر يبيّن بوضوح بأنّها شاركت في حرب الفيتنام، وكانت قائدة وحدة المشاة.
المهمّ أنني تناولتها مع الشّوكولا السّاخنة.
وتابعت سيري بين الثّلوج، وبدأت أقترب من الدُّكّان.
خطواتي تتباطأ، وتتباطأ، ورأسي ينخفض نحو الأرض وأحاول رفعه يائسًا.
وكأنّ وزن رأسي وحده 50 كيلو، حاولت رفع نظري لأتمكّن من متابعة السّير.
تباطؤٌ أكثر، وتثاقلٌ أكثر في رأسي.
لا يُمكنني التّحمّل أكثر.
سقطت على الأرض، وعجزت عن الحركة.
بدأت الشّوكولا السّاخنة تتسرّب من أذنيّ وأشعر برغبةٍ في التّقيّؤ.
امتلأ المكان حولي ببركة شوكولا ساخنة.
تبًّا لموزة الـCIA التي أكلتُها، موزة حقيرة، لحظة !! أين قشرتها !
هذا غير معقول، نظرت خلفي بصعوبة فوجدت القشرة تجري مسرعةً باتّجاهي، ثمّ قفزت وركلتني على أنفي(ركلة احترافيّة وهي في الهواء)، سمعت صاحب الدّكّان بجانبي يقول: "لقد كانت متفوّقةً في دروس الكونغ فو التي تلقّتها على يدي". ثمّ ضحك ضحكةً شرّيرة.
شعرت بالإهانة، فهذه أوّل مرّة تتغلّب عليّ فيها قشرة موزة.
نظرت إليه فعرفته فورًا ! إنّه "بروس لي" (ولكنه عجوز وله لحية مضحكة ويضع نظارات سميكة)
نهضت وسلّمت عليه، كيف حالك بروس، قال :"الحمد لله، كيفك يا مُصطفى، لندخل إلى الدّكان"
دخلنا وقدّم إليّ حساءً طازجًا، أقسم بأنّه قام بتعبئته اليوم صباحًا من السطح من أشعّة الشّمس الطّازجة وقت الشّروق، مع القليل من غاز الأوزون المغذّي.
بالغعل كان حساءً لذيذًا.
تبادلنا أطراف الحديث، فأخبرني بأنه اعتزل التمثيل لأنّه وجد أنّ العمل الحر أفضل، وهو يحبّ تصميم مواقع الويب، وأراني بعض التصميمات الخاصة به، (ذوقه مقرف صراحةً).
شكرته، وأخرجت 200 ليرة من جيبي، فقال لي "خليها علينا"، قلت "لا والله، خذها واشتري بها لابنك "لي" بعض السّكاكر، وسلّملي عليه(كنت أستاذه في المدرسة في الصف 7)"
تشكّرني بروس كثيرًا، ودعا لي بالصحة والعافية، وأخبرني بأنّ عرس ابنه "لي" بعد عدة أيام، وسيُقام في صالة جامع أبو النور، وعدتُه بالحضور، واعتذرت منه لأنّ عندي غدًا مقابلة عمل في شركة مهمّة.
التعليقات