لم أكن أتوقع أن يسير ذلك اليوم بالشكل الذي كان، فقد قررت قبله بأيام معدودة أنني سأغير من مكان عملي الذي اعتدت عليه في المنزل وأذهب الى "مساحة عمل مشتركة" مشهورة في المنطقة التي أسكن فيها.

كان قد أبلغني زميلي في العمل الحر عبر الانترنت ان مساحة العمل تلك تستقبل الراغبين في الحضور وتمنحهم مكانًا بالمجان في مساحة تتوفر فيها مجموعة من المكاتب والطاولات، وقد تواعدت مع زميلي ان ألتقي به في يومي الأول المُزمع. جهزت نفسي صبيحة ذلك اليوم وانطلقت الى مُرادي، وشاءت الظروف ان يعتذر زميلي عن اللقاء، ولكن ما حدث معي في صالة الاستقبال في تلك المساحة المشتركة ترك لدي العديد من الاسئلة التي تحتاج لإجابات.

دخلت الباب، وذهبت للاستقبال وكلي اعتقادٌ انني سأجلس على طاولة بعد ان اسجل بياناتي ومن ثم ابدأ عملي. كانت موظفة الاستقبال منهمكة في تناول افطارها، اقتربت منها وألقيت السلام عليها وقلت لها: اريد ان اسجل بياناتي لديكم وأرغب ان اجلس على طاولة للعمل، وزميلي يأتي هنا ويعمل في المساحة المجانية، فبدأت علامات الاستغراب تبدوا على وجهها ثم توقفت عن تناول وجبتها ونظرت إلي باستغراب، أحسست لحظتها ان الأمور ليست على ما يُرام.

سألتني: هل تعلم من نحن؟ فقلت انتم مساحة عمل توفر مكاتب للعاملين المستقلين بنظام التأجير ولديكم مساحة مجانية، فقالت لي ليس كما تعتقد، فالمكان الذي تعتقده بالمجان هو خاص لمن يستفيد من برامجنا ودوراتنا وليس امامك حتى نستقبلك هنا الا ان تستأجر لدينا مكتب او غرفة او أن تكون أحد أعضاء برامجنا، وهذه هي الاسعار المعتمدة لدينا.

بعد أن عرفت أنهم لا يُقدمون الخدمة بالمجان الا لفئة معينة، خرجت وقد نويت ان أذهب لمساحة عمل اخرى (وكان يومها لدي لقاء اخير في دورة احضرها لديهم)، وهاتفت الاستقبال وقلت لهم انني ارغب بالحضور وأبقى حتى المساء لديكم لأمضي يوم عمل وأنتظر موعد لقاء الدورة فقال لي أهلا بك.

عندما وصلت فاجأني موظف الاستقبال بأنه لا يُمكنني الجلوس الا في صالة الاستقبال وعلى أريكة، أو أن أجلس وحدي في أحد المختبرات حتى وقت معين ثم علي أن أخرج واجلس على الاريكة في النهاية بسبب وجود محاضرة، وليس مسموح ان استفيد من التكييف اذا جلست في المختبر.

كظمت غيظي، ولُمت نفسي لأني في الأولى لم اتأكد من المعلومة قبل قدومي، وفي الثانية لأني توقعت منهم تعاملًا أفضل من ذلك، وفي النهاية خرجت وقررت أن لا احضر اللقاء الأخير في الدورة وأن أعود للمنزل وأخذ قسطًا من النوم لأكمل مسيرة عملي في المساء.

مجموعة من الأسئلة التي راودتني في نفسي:

لماذا لا يُوجد خيار "تجربة الخدمة" في المكانين الذين قصدتهما؟

وماهو الضرر الذي سيلحق بأي منهم لو عرضوا علي تجربة المكان بالمجان والاستفادة من يوم عمل مجاني؟

إن مفهوم التجربة الأولى المجانية Free Trial هو مفهوم قديم ودائم الحضور بأشكال وخيارات متعددة، ونراه متجسدًا بشكل واسع في البرامج والتطبيقات التي تسوق لنفسها.

هل تطبيق نفس المفهوم في الخدمات الملموسة او الغير ملموسة هو ضار ام مفيد لدى مقدمي الخدمات؟

بحثت عبر جوجل عن هذا الأمر لدى العرب ولم أجد الا تجربة السياقة للسيارات الجديدة!!

قد يكون بحثي غير مُكتمل الأركان ويحتاج لتهيئة افضل، ولكن نتائجه صورة مصغرة عن الواقع.

هل تعتقد من وجهة نظرك وكحالة دراسة، ان مقدمي خدمة "مساحة العمل المشتركة" ينبغي أن يوفروا خيار Free Trial في مساحاتهم؟