بالنسبة لمن يتحكم بوقت عمله ما هو أفضل نظام لتوزيع ساعات العمل؟
ما هو أفضل نظام لساعات العمل للمستقل؟
بالنسبة لمن يملك قرار توزيع الوقت فلا أجد نظاماً أفضل من النظام الذي يمكن أن نستمده من الإرشاد الإلهي والنبوي لما يتعلق بتنظيم مثل هذه الأمور
دعنا أولا نستعرض بعض الأدلة ومن ثم نحاول نستلهم منها بعض الإرشادات :
( وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ آَيَتَيْنِ فَمَحَوْنَا آَيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنَا آَيَةَ النَّهَارِ مُبْصِرَةً لِتَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ وَلِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلًا )
سورة الإسراء (12)
( وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا )
سورة النبأ (11)
من هذا نجد أن العمل في النهار خير من العمل في الليل فهو أكثر بركة وأكثر إنتاجاً بدليل أن الله نسب المعيشة للنهار والسكون لليل
وكذلك جعل ابتغاء الفضل يكون في النهار
ومن يظن أن عمله في الليل أكثر إنتاجاً (وهنا أتحدث عن من لديه الخيار في العمل ضمن النهار وليس المجبر على عمل الليل بحكم ظروف) فإنه هو من أقنع نفسه بذلك و ظن أنه لن يكون أفضل منه ولكن الحقيقة أن العكس صحيح ولو أنه غير عمله من الليل إلى النهار (مقتنعا وليس مجرباً) حينها سيتأكد أنه كان مخطئاً
وقلت مقتنعا لأن أحكام الله ليست محلاً للتجريب ومن يجرب فلن يجد شيئا .
هذا فيما يتعلق بجعل العمل ضمن النهار وليس الليل
أما كتنظيم ضمن النهار فلنا في آية الله إرشاداً لطيفا :
( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآَيَاتِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ )
سورة النور (58)
لو تمعنا في هذه الآية سنجد هناك تقسيم طيب حيث جعل التوقيت يخضع لمواعيد الصلاة وليس بالساعات الزمنية
التقسيم يكون من قبل صلاة الفجر إلى الظهر ومن بعد الظهر إلى ما بعد العشاء
أي أن المرء يستيقظ ويجهز نفسه ليذهب لصلاة الفجر ومن ثم ينطلق للعمل
ثم يتوقف عن العمل مع صلاة الظهر يصلي الظهر ثم يعود للبيت ليتناول طعام الغداء ثم ينام فترة القيلولة ومن ثم يستيقظ ليتوضأ ليجد نفسه نشيطا وكأنه بدأ يوماً جديداً ثم يقضي بعض الوقت مع أسرته ثم يتجهز لصلاة العصر
طبعا الفترة من بعد صلاة العصر وحتى العشاء هي مفتوحة
الطبيعي أن الرجل يعمل صباحا بما يحقق له قوته ويؤمن حاجته ويتم جعل الفترة في الشطر الآخر من النهار للتواصل الاجتماعي وقضاء الحوائج و عمل الخير و التعلم وغيره من أمور الحياة الأخرى
ولكن بسبب التهافت على الدنيا جعلنا الوقت كله عمل فأصبح هناك الكثير من يعملون فترتين وبالنسبة لهؤلاء إن لم يكن لديهم خيار فليجعلوا الفترة الثانية من العصر إلى العشاء
بعد العشاء يفترض أن يحاول النوم مبكرا ما استطاع ليأخذ حاجته كاملة من النوم ويستيقظ لصلاة الفجر نشطاً
أهم أمر أن يحول الجوال إلى الصامت ويضعه في مكان بعيد عنه في جيب الثوب أو في الدرج ويحاول تعويد الناس على نظامه وليس العكس أي لا يكون هو التابع ويلحق نظام الناس السيء بل ليكن هو القدوة الحسنة وليعلم الناس على العادات الحسنة
لديك من الوقت من بعد صلاة الفجر إلى صلاة الظهر حوالي 7 ساعات متواصلة وهذه ممتازة للعمل سواء للرجل أو المرأة في عمل المنزل أو الطالب للدراسة وهذه الفترة إن استثمرت بشكل كامل ستؤتي نتائج ممتازة وهي تشكل ثلث اليوم تقريبا وهذا كاف
أضف إلى ذلك البركة حيث يشعر المرء أنه أنجز وهذا يعطيه دافع معنوي كبير للاستمرار وعدم الملل
( عَنْ صَخْرٍ الْغَامِدِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ قَالَ:
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
"اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأُمَّتِي فِي بُكُورِهَا". )
رواه الأربعة ، وحسنه الترمذي ، وصححه ابن حبان
وهذا يعني أن الرزق يُطلب مبكراً أي في أول النهار لأن فيه البركة
طبعا لا يجب أن نقع تحت خدعة الضغط فضغط العمل ما هي إلى وهم توهمناه وصدقناه حتى سيطر على حياتنا
في الحقيقة التخلص من الضغط لا يكون بزيادة ساعات العمل لأن العمل لا ينتهي وسيكون هناك أعمال متلاحقة لتبقيك في نفس حالة الضغط
ولنا في الحديث القدسي حل كامل وشامل لهذه المعضلة :
يقول الله تعالى على لسان نبيه محمد صلى الله عليه وسلم :
عن أبي هريرة رضي الله عنه :
أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
( إن الله تعالى يقول : يا بن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسدُّ فقرك ، وإلا تفعل ملأت يديك شغلا ولم أسد فقرك )
رواه الترمذي وابن ماجة والإمام أحمد في مسنده وغيرهم ، وحسنه الترمذي وصححه الألباني .
وكذلك في الحديث الآخر :
عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
( لو أنكم توكلون على الله حق توكله ، لرزقكم كما يرزق الطير ، تغدو خماصا ، وتروح بطانا )
رواه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في " صحيحه " والحاكم ، وقال الترمذي : حسن صحيح .
والأحاديث مشروحة بنفسها ولا تحتاج إلى كثير شرح
يعني تخيل أن صاحب الشركة يطلبك في مكتبه فلا تذهب بحجة أن بين يديك عمل للشركة فهل هذا منطق ؟!.
فلا تتخلف عن طاعة الله وندائه للصلاه و فرائضه التي فرضها عليك بحجة أنك مضغوط دائما وسبب الضغط هو من أجل المال والمال من أجل الحياة والرفاهية
فلتعلم يا أخي أن من تقصر في حقه بحجة الانشغال هو من يملك أن يقضي شغلك ويخفف الضغط عنك ويسد حاجتك من المال
نسأل الله أن يجعلنا كما يحب هو وليس كما تحب أنفسنا
ما شاء الله، كلام جميل من أروع ما قرأت، جزاك الله خيراً يا أخي، لكن هناك جزئية في كلامك لفتت انتباهي وهي النوم بعد الغذاء، ألا تظن أن النوم بعد الغذاء مضر بالصحة؟
هناك أمر آخر، إن كنت تعمل فترتين في اليوم، من الفجر إلى الظهر ومن العصر إلى العشاء، ألا يعني ذلك أنك ستقصر في واجباتك الأخرى كصلة الرحم والتسوق وغيرها؟ كيف توفق بين متطلبات الحياة والعمل؟
ألا تجد اعتراض وتذمر من أسرتك على طول فترات عملك وقلة جلوسك معهم؟
ألا يحتاج الأبناء وجود أبيهم بجانبهم ليربيهم التربية الصحيحة ويشرف عليهم ويشجعهم ويعاقبهم إن لم يحسنوا صنعاً؟
أرجو أن ترد على جميع الأسئلة السابقة على حدا باهتمام وتفصيل لأني أثق فيك ومهتم بسماع الردود من شخص فاضل مثلك.
بارك الله فيكم
هنا يجب اقتناص الفرص
ومحاولة التخلص من بعض الوقت المهدور على أمور لا تستحق
فمثلا لا يشترط أن أتفرغ لساعات من أجل التسوق في مركز تسوق في مكان بعيد
وبدلا منه أحاول تأمين الحاجات الأساسية كأن أمر على محل بيع الخضار وأنا عائد من الصلاة إلى المنزل
أو يأتي به أحد الأولاد أو الأم من بقالة قريبة
أحاول تجميع أمور التسوق لتصبح في فترة واحد كل عدة أسابيع بحيث يمكن تفريغ لها بعض الساعات مثل شراء ثياب الأولاد أو بعض الأشياء التي لا توجد إلى في مكان بعيد نسبيا
إن جاءك ضيف هنا لا بأس من السهر قليلا بعد العشاء على أن لا تطول كثيرا
أي لا يمنع من تخصيص بعض الوقت بعد العشاء لزيارة قصيرة لأحد الأقارب أو جار أو مسامرة الأهل أو قضاء بعض الوقت في التعلم أو الطاعة فإنه لا يلزم النوم بعد الصلاة مباشرة إلا لمن يخشى أن تفوته صلاة الفجر أو يؤثر على نشاطه وتركيزه في عمله في اليوم التالي
كما أنه لا يلزم أن يتقيد الشخص بالروتين المتعارف عليه كأن يعطل يوم الجمعة ويخرج هو الأهل إلى المنتزهات في يوم الجمعة وعلى العكس فأنا أفضل إن كان الشخص حراً أن يعمل يوم الجمعة لبعض الوقت ويخصص يوم آخر للخروج حيث سيتجنب الزحام
بالنسبة لي فأفضل أيام العمل هو يوم الجمعة لأن المحيط يكون هادئاً تماما لا ضجة ناس ولا ضجة سيارات ولا ورشات تعمل
فيما يخص التواجد بين الأولاد فمن المفترض أن الذين فوق سن السابعة يستيقظون معك للفجر وكذلك ستكون معهم على الغداء وبعد الغداء وكذلك بعد العشاء بالإضافة لأوقات الفراغ والعطل
يعني ثلاث فترات كل يوم جيدة جدا أفضل من الذي يذهب وأولاده نائمون ويعود وأولاده نائمون
فيما يخص التذمر على العكس المفترض أن يقدر الأهل أنك تضحي من أجلهم فأنت لا تلهو وإنما تجتهد لترعاهم رعاية حسنة وحياة كريمة بعيدة عن ضنك العيش وهو يعلمون أنك إن قصرت فهم المتأثر الأكبر
لهذا وجب عليهم تشجيعك لا تحبيطك
جميل نظام مثالي بكل المقاييس لكن لدي سؤال في حال جربت السير على هذا النظام ألا تلاحظ أن هنالك فرقا شاسعا بين فصلي الصيف والشتاء ففي فصل الشتاء العشاء يؤذن عادة على السابعة مساءا والصبح لا يكون حتى السادسة صباحا مايعني 11 ساعة النوم أليس هذا مبالغا فيه من جهة أخرى فعن عدد ساعات العمل في الصباح سيقل مقارنة بفصل الصيف.
سؤال آخر عن نظامك مع القيلولة لا أخفي عليك ان القيلولة بالنسبة لي أمر مقدس لكن أجد أن النوم لساعتين ونصف مثلا يجعلك تنهض وأنت في حالة فشل عام هل ينتابك هذا الشعور ؟
هناك الكثير من يعملون فترتين وبالنسبة لهؤلاء إن لم يكن لديهم خيار فليجعلوا الفترة الثانية من العصر إلى العشاء.
أقترح ان تكون الفترة الثانية من العصر حتى المغرب كاقصى تقدير فحتى لو لم يكن للشخص أي وقت يقضيه في التعبد والتعلم وقضاء الوقت مع العائلة و أية أمور أخرى فمن الأفضل أن يكون بهذا الوقت.
التعليقات