يقال دائمًا: "لا تعمل مجانًا أبدًا"، ولكن ماذا لو كانت الفرصة الوحيدة المتاحة لك في البداية هي عمل بلا مقابل؟ أليس من الأفضل أحيانًا أن نغتنمها لاكتساب الخبرة وبناء الثقة، وفتح الأبواب؟ شخصيًا أؤمن أن القيمة لا تكون دائمًا مادية، فربما عمل واحد مجاني يصنع اسمك! ما رأيكم أنتم؟ هل من المنطق أن يرفض المبتدئ أول عميل لأنه سيدفع أقل أو لأن العمل سيكون مجاني مقابل تقييم جيد؟
يقولون لا تعمل مجاناً ابدًا، إذًا ماذا ستفعل إذا لم يعطيك أحد الفرصة؟
طرحك يُلامس واقع كثير من المبتدئين، وقد مررت شخصيًا بتجربة مشابهة في بداية مساري.
أحيانًا، يكون العمل المجاني ليس استغلالًا، بل بوابة أولى لاختبار نفسك، وفتح باب العلاقات، وتعريف الناس بجودة ما تقدم. في أول تجربة لي، أنجزت مشروعًا دون مقابل مادي، لكن المقابل كان تقييمًا رائعًا، وتوصية صادقة، ومنها جاءت أول فرصة حقيقية بأجر.
الخط الفاصل، في رأيي، هو وعيك بهدفك من العمل المجاني: إن كنت تفعله لتكسب مهارة أو تبني سمعة أو تدخل سوقًا صعبًا، فالأمر مشروع وذكي. لكن إن كنت تفعل ذلك فقط لأنك لا تُقدّر ما تملك أو تستحي من طلب المقابل، فهنا تبدأ المشكلة.
القيمة لا تُقاس دائمًا بالمال، لكن لا تجعل من المجانية عادةً، بل جسرًا تُدرك متى تعبره ومتى تتركه.
أنجزت مشروعًا دون مقابل مادي، لكن المقابل كان تقييمًا رائعًا، وتوصية صادقة، ومنها جاءت أول فرصة حقيقية بأجر.
بعض الأشخاص تستغل ذلك، وتعرض خدماتها مجانا مقابل تقييم ممتاز وهناك أصحاب مشاريع تستغل ذلك أيضا، وهذا غير احترافي بالمرة، لذا لابد من وجود ضوابط لذلك، وتكون التوصية صادقة ولا تكون بمبدأ فد واستفيد
هل تعتقد حقًّا أن العميل سيضع تقييمًا ممتازًا لخدمة لم ترضيه أو لم يستفد منها؟ لا أظن ذلك إطلاقًا! فليس من مصلحته أن يمدح ما لم يكن ذا قيمة حقيقية بالنسبة له، حتى وإن كانت الخدمة مجانية، فالتقييم الصادق لا يأتي من باب المجاملة، ولا ينبغي أن يكون على مبدأ "خُذ وهات"، لأنه في النهاية يعكس تجربة واقعية، وإذا لم تكن الخدمة بالجودة التي ترضي العميل فلن تُجدي المجانية نفعًا.
قد يضع ممتاز وهي جيدة جدا، قد يمدح فيها وهي متوسطة لأنه حصل عليها بدون مقابل، بالتأكيد لن تكون خدمة سيئة ويكتب ممتاز، وتطرقت لهذه النقطة تحديدا لأنها ممارسة سيئة جدا يقع بها المستقل ببداية طريقه ولا يعرف أنه بذلك يضر نفسه، لأن التقييم غير العادل سيقل ويظهر على حقيقته بأول احتكاك حقيقي ومباشر مع عميل سيدفع مالا مقابل جودة
ما يحدث يشبه لعبة خفية خلف الكواليس، حيث تُمنح التوصيات لا لكون الخدمة تستحق، بل لأن هناك صفقة صامتة أبرمت بين الطرفين: "أعطني تقييماً، أعطيك مجاناً".وهنا يُفقد المعنى الحقيقي للجودة، وتُظلم كفاءات كثيرة لا تعرف لغة المجاملة المدفوعة.التوصية لا تُشترى، والمجانية لا ينبغي أن تكون وسيلة للحصول على وهم الاحتراف.
من يعتاد تقديم نفسه بثمنٍ مُلغى، لا يلوم السوق إن لم يعطه قيمة يوماً.
العمل المجاني بدافع الحياء أو قلة تقدير الذات؟ يا لها من كارثة! لا أظن أن هناك من يفعل ذلك حقًا أو على الأقل لا أريد أن أصدق أن أحدًا يفرط في جهده بهذه الطريقة، المجانية جميلة فقط حين تكون خطوة محسوبة لا عادة مزمنة، وكأننا نقدم أجمل ما لدينا على طبق من ذهب دون أن ندرك قيمته، فلنحسن التقدير لأنفسنا أولًا، لأن الاحترام يبدأ من هنا.
في الواقع أعرف حالات كثيرة يحدث فيها هذا الامر للأسف، وغالبا ما يكون الأمر بنفس الطريقة، أولا يتم عمل المشروع المتفق عليه بمقابل مرضي، ثم يدخل المستقل في دوامة لا تنتهي من التعديلات التي يطلبها العميل شيئا فشيئا، ومع كل تعديل يقول العميل لا مشكلة فأنا أحافظ على العميل والتعديل بسيط، ويستمر على تلك الحالة الى أن يجد نفسه قد قام بمشروع اضافي لكن بالمجان لكي "يحافظ على العميل"
أتفق تمامًا، والمشكلة أن البعض لا يلاحظ خطورة الأمر إلا بعد أن تصبح المجانية عادة، لا استثناء. ليس كل عطاء فضيلة إن لم يكن واعيًا، وليس كل سكوت احترام إن جاء على حساب الذات.
العمل بلا مقابل قد يكون جميلًا حين يخدم رسالة، أو يبني تجربة، لكنه حين يتحوّل إلى أسلوب دائم للتعامل مع النفس، يصبح استنزافًا مغلفًا بلطف زائف.
المعادلة البسيطة: احترم وقتك، يراك الناس كما ترى نفسك.
أحيانًا، يكون العمل المجاني ليس استغلالًا، بل بوابة أولى لاختبار نفسك، وفتح باب العلاقات، وتعريف الناس بجودة ما تقدم. في أول تجربة لي، أنجزت مشروعًا دون مقابل مادي، لكن المقابل كان تقييمًا رائعًا، وتوصية صادقة، ومنها جاءت أول فرصة حقيقية بأجر.
الواقع لم أصادف ولم أعرف عن مستقل قام بعمل مجاني تمامًا! قد ينجز المستقل المستجد العمل مقابل أجر بسيط أو رمزي وهذامفهوم في حالته أما أن ينجزه بلا أجر بالمرة، فهذا شيئ غريب برأيي! لأنه حتى المستقل لن يثق في هكذا عمل انجز بدون أجر ذم أن المستقل لن يتحمس مثلما كان ليتحمس لو أن العمل بأجر حتى لو كان زهيداً. ثم إن التقييم الناجم عن كل هذا لا يضمن للمستقل أن يجذب له كثير من المشاريع أو يقربها منه. أعتقد أن مجانية العمل هذا قرار خاطئ.
التعليقات