عندما تخرجت من الثانوية، لا يمكنني أن أنسى ذلك الشعور بالضياع لعدة الاتجاهات التي يمكنني أن اسلكها، لاسيما أن الأمر بدى لي أنه مصيري إلى حد ما، فهذا سوف يحدد عملي ومهنتي المستقبلية.أذكر أن أول كلية سجلت بها هي كلية الطب البيطري، هل كان لي أي علاقة بالحيوانات أو خبرات سابقة بهذا ؟ , لا ابدا، أذكر أن في بيتنا دجاجة اشتريناها لمرة واحدة، واثنين من المعز عندما مرضت إحداها تخلصنا منهم جميعاً. فقد سجلت فقط لكي لا تبدأ السنة الدراسية ولم أسجل في اي جامعة بعد.
لم يبدو هذا الخيار بالنسبة لي مقنعا مع اني قبلت في الكلية، حتى نصحني إحدى الأصدقاء بالالتحاق بالكلية الصناعية، وأخبرني كيف أن لها مستقبل وظيفي مشرق كوننا نعيش في بلد بترولي.أيضاً عندما أخبرني أن هناك سكن مستقل للطلاب في تلك المدينة، لقد بدى لي الأمر بأنه تجربة ومغامرة جديدة، حيث سأسكن مستقلا مع مجموعة من الأصدقاء. وقد سجلت والتحقت بها فعلا.
بدأت السنة الدراسية، ولم يكن لدينا أي شيء ندرسه سوى اللغة الإنجليزية والرياضيات في السنة الأولى، كان الأمر ممتعا في تلك السنة. حتى بدأ اختيار التخصصات وقد اخترت الهندسة الكيميائية.
من بين عدة تخصصات تقنيةو إدارية، بما اني كنت أجهلها جميعاً، لقد بدى اسم هذا التخصص جذاباً بالنسبة لي، هندسة كيميائية؟، لا أعرف ماهذا الشيء، اتذكر اني كنت العب بالصابون و المساحيق في الماضي لأخترع محلولا يزيل كل الأوساخ، ولكنه كان يجعلها أكثر اتساخا، وهذا كل ما أحببته حول الكيمياء.
وقد مرت السنة الأولى في المختبرات و التجارب، و السنة الثانية كانت عن طريقة عمل الات المصانع الكيميائية، وكلما تعمقنا أكثر في هذا التخصص ذو الأسم الجذاب، شعرت اني لا أنتمي له أكثر، لا أقول إن الدراسة صعبة، ولكني شعرت اني لست في مجال يمكنني أن أعطي فيه أي شيء، فلكل شخص قدرات واهتمامات معينة، و الهندسة الكيميائية اكتشفت انها ليست من اهتماماتي في شيء.وقد فكرت عدة مرات في الخروج وتغير هذا التخصص، ولكن لم يكن لدي العلم الكافي عن بقية التخصصات، فربما ستكون أوسوأ من هذا، فأكملت دراستي، فقط لكي تكون لدي الشهادة على الأقل بما أني قطعت شوطا في هذا الطريق.
كنت أعرف تماما ماهي اهتماماتي و ما اللذي احب، ولكن لم أعتقد أن ذلك ينبغي أن يكون له علاقة بمهنتي المستقبلية، بل نظرت للأمر على انه نوع من الاهتمام فقط!كنت احب القلم و الكتابة والخط العربي و التصميم، ولكن لماذا لم أفكر عندما كنت في الثانوية أن التحق بكلية أدبية أو شيء من هذا النوع ؟
إنه جنون الصبا وحب الاستكشاف، وسحر أسماء التخصصات التي يحبها الجميع، فمهما اعتقدت أن مايهمك هو شيء بسيط، كطهي الطعام، فمطاعم الوجبات السريعة التي لديها آلاف الموظفين وارباحها بالمليارات اليوم، بدأت من شخص أحب أن يصنع وجبة صغيرة.
فلم أستطع بعد تخرجي أن انمو ابداً خارج دائرة اهتماماتي، على الرغم من أني عملت في عدة وظائف في مجالات مطلوبة و مختلفة، ولكن وجدت نفسي أفعل ذلك فقط لأصقل مهاراتي في التصميم و الفنون، وكانت تلك الوظائف لأجل توفير لقمة العيش فقط.
حتى أصبحت مصمماً اليوم، وقد خدمت مئات الناس في هذا المجال.
فوجدت أنه لا ينبغي أن أبتعد عن السبب الذي جعلني اقول لأبي أن يحضر لي قلم خط، عندما كنت في الصف الأول الإبتدائي.
تمنايتي لكم بالتوفيق.
التعليقات